(أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ)
[٩٨] (أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ)
[٩٩] (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ)
من هم الخاسرون؟ الخاسرون هم الذين يحسبون ان تراكم المكاسب الظاهرية ، وبناء العمارات الشامخة ، والشوارع المعبدة والمضاءة ، والمصانع الكبيرة ، والملاعب الواسعة ، والجيوش المسلحة بأحدث الأسلحة ، إن كلّ ذلك يكفي في بناء الحضارة وتحقيق طموحات البشر .. كلا ، ان ذلك ما كان ليتم لولا القيم السليمة ، والتطلعات المشروعة ، والمناهج الصائبة ، ولولا ذلك لحملت الحضارة نقيضها في ذاتها ، حيث يلتف عليهم العذاب من حيث لا يشعرون فيقضي عليهم ، ذلك هو مكر الله ، إن المدنية القائمة على الظلم أو الطغيان ، والمجتمع القائم على الاستغلال والطبقية ، والثقافة القائمة على المصالح الذاتية كلّ ذلك مهدد بالزوال في كلّ لحظة وبصورة مفاجئة.
إذ أن المظلومين المستغلّين ، والمستضعفين المقهورين سوف ينتفضون بعد أن يطفح بهم كيل الغضب ، فلا يهابون الموت فيدمرون كلّ شيء في لحظة ، والله سبحانه ينزل عليهم صاعقة من عذابه بعد أن تنتهي الفرصة الممنوحة لهم ، والأجل المحدود لاختبارهم ، فيقضي عليهم ، انه مكر الله ولا يأمن مكره أحد.
ان المكر هو : الالتفاف حول شيء وأن يأتيه الأمر من حيث لا يحتسب الفرد ، والذي لا يحسب لمكر الله حسابا يخسر ، لأنه يبني دون أن يملك ضمانة لاستمرار بنائه ، وهو أشبه بجيش لا يسد على نفسه الثغرات الخلفية ، وينظر فقط من جهة واحدة ، حيث أن العدو يأتيه من الخلف فيقضي عليه ، إن على البشر أن يلاحظ