يتخلص من كل رواسب الثقافة المادية ، لذلك بدأ الله في إصلاح قوم موسى (عليه السلام) انطلاقا من هذه النقطة ، حيث كان قوم موسى يلحون عليه بأن يريهم ربهم ومرة قالوا له : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) ، ومرة صنعوا لأنفسهم عجلا وزعموا انه هو إله موسى وهكذا ، لذلك راح موسى يدعو الله أن يريه نفسه وهو يعلم ان الله لا يرى.
(وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً)
هدف المعجزة :
هناك فكرة تقول : بأن كثيرا من طلبات الرسل ، بل وكثيرا من أوامر الله لهم ، تهدف تبليغ الرسالة بطريقة صارخة ، حين أمر الله نبيه إبراهيم (عليه السلام) بذبح ابنه كانت الحكمة من وراء ذلك نسخ عادة جاهلية معروفة آنئذ وهي ذبح الأبناء لله أو للأصنام ، ولكن حين أمر إبراهيم بذبح ابنه ولم تعمل السكين ، كانت تلك المعجزة أبلغ أمرا في النفوس ، وأقدر على نسخ هذه العادة من الموعظة الكلامية ، وكذلك حين طلب موسى (عليه السلام) من ربه بأن ينظر اليه ، كانت دعوته هذه بهدف صنع واقعة عينيّة تذهب مثلا في الآفاق ، وتتناقلها الألسن ، حتى تنتزع من النفوس جذور المادية ، ولذلك طلب موسى (عليه السلام) المستحيل وهو رؤية ربه وتجلى الله للجبل وجعله دكا متهاويا على نفسه ، ووقع موسى مغشيا عليه.
(فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)
ويبقى السؤال : ما هي مناسبة اندكاك الجبل مع استحالة النظر الى الله؟
والجواب : أن قدرة الإنسان محدودة بشكل انه لا يتحمل رؤية جبل يندك ، وهو