التدبير ، من قبل الرب الحكيم العليم ..
(فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)
إن الشعور بالثقل لا يلازم أبدا الشعور بالصعوبة ، إذ المرأة السليمة لا تشعر بصعوبة بالغة بسبب الحمل إلّا قبيل الولادة ، ولكن هذا الشعور إنما هو بهدف إشعارها بالمسؤولية القادمة ، وذلك للاستعداد لها وتوفير وسائل الراحة والامان للضعيف الجديد ، وهكذا نرى كيف يتغيّر الوالدان ويشعران بمسؤولية بالغة تجاه الوليد ، وأول طلبهم هو : أن يكون خلاصة حياتهما وفلذة كبديهما سالما وصالحا ، جسديا وروحيا ، ولفرط الاحساس بالمسؤولية ينسيان الشركاء المزيفين ويتوجهان الى الله ربهما ، مثلما ينسى البشر كل الشركاء في أوقات العسر الشديد ، بل ويتعهدان بالشكر لله ، والقيام بواجبات الوليد الجديد مثل : التربية السليمة ، والارتفاع الى مستوى الأب والأم إذا آتاهما صالحا ..
الإنسان والنسيان :
[١٩٠] ولكن سرعان ما ينسيا هذه التعهدات حيث يعودان الى الشركاء ، وهي كلّ القوى المادية التي تضغط على البشر باتجاهات منحرفة ، مثل المجتمع الفاسد ورمزه السلطة ، ومثل الثقافة الفاسدة ورمزها الأحبار ، والرهبان ، والشعراء ، ومثل الاقتصاد الفاسد ورمزه أصحاب المال ، والرأسمالية.
(فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)
ولذلك لم يطبق ناهج الله في تربية الأولاد ، بل اتّبعا الشركاء ، فافسداه اجتماعيا حينما اخضعا ، للطاغوت ، وأفسداه ثقافيا حيث سلماه بيد أدعياء العلم والدين وهما يعرفان فسادهم ، وأفسداه اقتصاديا حيث ربطاه بعجلة الرأسمالية.