من الشدائد البسيطة وحتى الآلام ، التي تصيب البشر هي توعيته بحقائق الأمور بدءا من الشدائد البسيطة وحتى الآلام وإلى أن يصل إلى العذاب فالساعة ، فمثلا الحكمة من الأحساس بالجوع هو التفتيش عن مصدر الغذاء ، والتحرك إليه ، ومن خلال الأحساس والتفتيش والتحرك تنفتح أمامك أبواب المعرفة ، ولو لم يكن البشر يحس بالجوع إذا لما كان يعرف جزء كبيرا من الحياة ، ولم يكن يعرف الزراعة والرّي والصيد .. إلخ ، وكلما كان حصول البشر على الغذاء أسهل كلما كانت معرفته بالحياة أقل ، والألم يجعلك تحس بالحياة بشكل أعمق من ذي قبل إنك لا تعرف أساسا موقع كبدك أو كليتك أو حتى قلبك إلا بعد أن يتألم هذا العضو أو ذاك ، وعندئذ تتحسس ليس فقط بوجود العضو ، وأنما بأهميته أيضا ، وتتشبث به أكثر.
أن المريض أشد تعلقا بالحياة ، وأرهف إحساسا بأهميتها من غيره ، والشدائد في الحياة تكشف نقاط ضعف الإنسان. سواء الفرد أو الامة ، مثلا. الهزيمة تكشف عيوب الامة أكثر مما يكشفه ألف كتاب وكتاب.
ولذلك يذكرنا القرآن هنا ، بأن الهدف من اصابة الإنسان بالمشاكل ، هو نفس الهدف من بعث الرسالات والرسل ، ان الهدف من الرسالة هي توعية الإنسان بحقيقة العبودية المطلقة التي يعيشها ، والتي هي في الواقع مفتاح صلاح الإنسان وقدرته ورفضه الخضوع للجبت والطاغوت ، وكذلك الهدف من الشدائد.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ)
بالشدائد الآتية من ظلم الناس لبعضهم.
(وَالضَّرَّاءِ)
بالشدائد التي مصدرها غضب الطبيعة. إنما أخذهم الله بذلك بعد بعث الرسل ،