ثمّ تشعّث في أيّام الظاهر برقوق ، فعمره الرئيس برهان الدين إبراهيم بن عمر المحلّي رئيس التّجار ، وأزال اللوح الأخضر ، وجدّد لوحا آخر بدله وهو الموجود الآن ، وانتهت عمارته في سنة أربع وثمانمائة.
وقال ابن المتوّج : ذرع هذا الجامع اثنان وأربعون ألف ذراع بذراع البزّ المصريّ القديم ، وهو ذراع الحصر المستمرّ الآن ، وذرعه بذراع العمل ثمانية وعشرون ألف ذراع ، وعدد أبوابه ثلاثة عشر بابا (١).
وممّن تولّى إمامة هذا الجامع أبو رجب العلاء بن عاصم الخولانيّ ، وهو أوّل من سلّم في الصلاة تسليمتين بهذا الجامع ، بكتاب ورد عليه من المأمون يأمره بذلك ؛ وصلّى خلفه الإمام الشافعيّ حين قدم مصر ، فقال : هكذا تكون الصلاة ، ما صلّيت خلف أحد أتمّ صلاة من أبي رجب ولا أحسن.
ولما تولّى القصص حسن بن الربيع بن سليمان في زمن المتوكّل سنة أربعين ومائتين ، أمر بترك قراءة «بسم الله الرحمن الرحيم» في الصّلاة ، وأمر أن تصلّى التراويح (٢) ، وكانت تصلّى قبل ذلك ستّ تراويح.
قال القضاعيّ : ولم يكن النّاس يصلّون بالجامع صلاة العيد ، حتّى كانت سنة ستّ وثلثمائة (٣) صلّى فيه رجل يعرف بعليّ بن أحمد بن عبد الملك الفهميّ صلاة الفطر ، ويقال إنّه خطب من دفتر نظرا ، وحفظ عنه أنه قال : «اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلّا وأنتم مشركون» ، فقال بعض الشعراء :
قام في العيد لنا خطيبا (٤) |
|
فحرّض النّاس على الكفر |
وذكر بعضهم أنه كان يوقد في الجامع العتيق كلّ ليلة ثمانية عشر ألف فتيلة وأنّ المطلق برسمه خاصة لوقود كلّ ليلة أحد عشر قنطارا (٥) زيتا طيّبا.
وقال المقريزيّ : أخبرني شهاب الدين أحمد بن عبد الله الأوحديّ ، أخبرني المؤرّخ ناصر الدين محمد بن عبد الرحيم بن الفرات ، أخبرنا العلامة شمس الدين
__________________
(١) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٣.
(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٤ : خمس تراويح.
(٣) أضاف المقريزي في ٢ / ٢٥٥ : ويقال سنة ثمان وثمانمائة.
(٤) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٥ : خاطب.
(٥) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٦ : ونصف.