عبد السلام (١) المؤدب ، وكان محدّثا فأقامه القاضي بكّار لمراعاة المقياس ، وأجرى عليه الرزق (٢) ، وبقي ذلك في ولده إلى اليوم.
وقال صاحب المرأة : المقياس الظاهر الآن بناه المأمون ، وقيل : إنّما بناه أسامة ابن زيد التنوخيّ في خلافة سليمان بن عبد الملك ، ودثر فجدّده المأمون. وبنى أحمد (٣) بن طولون مقياسين ؛ أحدهما بقوص وهو قائم اليوم ، والآخر بالجزيرة وقد انهدم.
قال القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر في العود الذي يطّلع به المقسي قياس النيل في كلّ يوم بزيادة النيل :
قد قلت لمّا أتى المقسي وفي يده |
|
عود به النيل قد عودي وقد نودي |
أيّام سلطاننا سعد السعود وقد |
|
صحّ القياس يجري الماء في العود |
ذكر جزيرة مصر وهي المسمّاة الآن بالروضة
قال المقريزيّ : اعلم أنّ الرّوضة تطلق في زماننا على الجزيرة التي بين مدينة مصر وبين مدينة الجيزة ، وعرفت في أوّل الإسلام بالجزيرة وجزيرة مصر ، ثمّ قيل لها جزيرة الحصن ، وعرفت الروضة من زمن الأفضل بن أمير الجيوش إلى اليوم. انتهى.
والجزيرة كلّ بقعة في وسط البحر لا يعلوها البحر ، سمّيت بذلك لأنها جزرت ، أي قطعت وفصّلت من تخوم الأرض ، فصارت منقطعة.
وفي الصّحاح : الجزيرة : واحدة جزائر البحر ؛ سميت بذلك لانقطاعها عن معظم الأرض.
وقال ابن المتوّج في كتابه إيقاظ المتغفّل واتّعاظ المتأمّل : إنّما سميت جزيرة مصر بالرّوضة ، لأنّه لم يكن بالديار المصريّة مثلها وبحر النيل حائز لها ودائر عليها ، وكانت حصينة ، وفيها من البساتين والثمار ما لم يكن في غيرها.
ولما فتح عمرو بن العاص مصر تحصّن الرّوم بها مدّة ، فلمّا طال حصارها وهرب
__________________
(١) النجوم الزاهرة : ١ / ٣٧٣ : عبد الله بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي الردّاد المؤذّن ، وأصله من البصرة ، قدم مصر وحدّث بها.
(٢) سبعة دنانير في كل شهر. [النجوم الزاهرة : ١ / ٣٧٣].
(٣) في النجوم الزاهرة : ١ / ٣٧٤ : أمر بإصلاحه وقدّر له ألف دينار.