في الأرض ، وجعل فيها منافع للناس ، فذلك قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ) [المؤمنون : ١٨] ، فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج ، أرسل الله جبريل ، فرفع من الأرض القرآن والعلم والحجر من البيت ومقام إبراهيم وتابوت موسى بما فيه ؛ وهذه الأنهار الخمسة ، فيرفع كلّ ذلك إلى السماء ؛ فذلك قوله : (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) [المؤمنون : ١٨] ، فإذا رفعت هذه الأشياء من الأرض عدم أهلها خيرها.
وأخرج الحارث بن أبي أسامة في سنده وابن عبد الحكم في تاريخ مصر ، والخطيب في تاريخ بغداد ، والبيهقيّ في البعث عن كعب الأحبار ، قال : نهر النيل نهر العسل في الجنة ، ونهر دجلة نهر اللبن في الجنّة ، ونهر الفرات نهر الخمر في الجنّة ، ونهر سيحان نهر الماء في الجنة.
وأخرج البيهقيّ في شعب الإيمان ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : غار النيل على عهد فرعون ، فأتاه أهل مملكته ، فقالوا : أيّها الملك أجر لنا النّيل ، قال : إنّي لم أرض عنكم ، فذهبوا ثمّ أتوه ، فقالوا : أيّها الملك ، أجر لنا النيل ، قال : إنّي لم أرض عنكم ، فذهبوا ثمّ أتوه ، فقالوا : أيها الملك ماتت البهائم ، وهلكت الأبكار ، لئن لم تجر لنا النيل لنتخذنّ إلها غيرك ، قال اخرجوا إلى الصعيد ، فخرجوا فتنحّى عنهم حيث لا يرونه ، ولا يسمعون كلامه ، فألصق خدّه بالأرض ، وأشار بالسبّابة لله ، ثمّ قال : اللهم إنّي خرجت إليك مخرج العبد الذليل إلى سيّده ، وإنّي أعلم أنّه لا يقدر على إجرائه أحد غيرك فأجره. قال : فجرى النيل جريا لم يجر قبله مثله ، فأتاهم فقال : إنّي قد أجريت لكم النيل ؛ فخرّوا له سجدا ، وعرض له جبريل ، فقال : أيّها الملك ؛ أعدني على عبدي ، قال : وما قصّته؟ قال : عبد ليل ملّكته على عبيدي ، وخوّلته مفاتيحي ، فعاداني ، فأحبّ من عاديت ، وعادى من أحببت ، قال : بئس العبد عبدك! لو كان لي عليه سبيل لغرّقته في بحر القلزم! فقال : أيها الملك ، اكتب لي كتابا ، فدعا بكتاب ودواة : ما جزاء العبد الذي خالف سيّده فأحبّ من عادى وعادى من أحبّ إلا أن يغرق في بحر القلزم. قال : يأيّها الملك اختمه لي ، فختمه ثمّ دفعه إليه ، فلمّا كان يوم البحر ، أتاه جبريل بالكتاب ، فقال : خذ هذا ما حكمت به على نفسك.
أثر متصل الإسناد في أمر النيل
أخبرني أبو الطيّب الأنصاريّ إجازة ، عن الحافظ أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقيّ ، عن أبي الفتح محمد بن محمد الميدوميّ ، أخبرتنا أمة الحقّ شامية