ذكر وزراء مصر
اعلم أنّ الوزارة
وظيفة قديمة كانت للملوك من قبل الإسلام ؛ بل من قبل الطوفان ، وكانت للأنبياء ؛
فما من نبيّ إلّا وله وزير ، قال تعالى حكاية عن موسى عليهالسلام : (وَاجْعَلْ لِي
وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي
أَمْرِي) [طه : ٢٩ ـ ٣٢] ،
وقال تعالى مخاطبا له : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ
بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً) [القصص : ٣٥].
وكان للنبيّ صلىاللهعليهوسلم أربعة وزراء ؛ روى البزّار والطّبرانيّ في الكبير عن ابن
عباس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله أيّدني بأربعة وزراء اثنين من أهل السماء :
جبريل وميكائيل ، واثنين من أهل الأرض : أبي بكر وعمر».
وقد وردت الأحاديث
في وزراء الملوك ، روى أبو داود عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق ؛ إن نسي
ذكّره ، وإن ذكر أعانه ، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء ؛ إنّ نسي لم
يذكّره ، وإن ذكر لم يعنه».
ولم تكن الوزارة
في صدر الإسلام إلا للخلفاء دون أمراء البلاد ، فكان وزير أبي بكر الصديق عمر بن
الخطاب ، ووزير عمر ووزير عثمان مروان بن الحكم ؛ ذكره ابن كثير في تاريخه.
ووزير عبد الملك
روح بن زنباع ، ووزير سليمان بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز.
قال ابن كثير :
وكان رجاء بن حيوة وزير صدق لخلفاء بني أميّة. ووزير هشام بن عبد الملك فمن بعده
عبد الحميد بن يحيى ؛ غير أنّه لم يكن أحد في عهدهم يلقّب بالوزير ، ولا يخاطب
بوصف الوزارة.
وأوّل من لقّب
الوزير في الإسلام أبو سلمة حفص بن سليمان الخلّال وزير الخليفة السّفّاح ، أوّل
خلفاء بني العباس .
وقال ابن فضل الله
في المسالك : لم تكن للوزارة رتبة تعرف مدة بني أميّة وصدرا من دولة السّفّاح ، بل
كان كلّ من أعان الخلفاء على أمرهم ، يقال له : فلان وزير فلان ؛
__________________