ذكر أمراء مصر من حين ملكها بنو أيوب
إلى أن اتخذها الخلفاء العباسيون دار الخلافة
لما قتل صاحب مصر الظافر ، وصلت الأخبار إلى بغداد ، بأن مصر قتل صاحبها ، ولم يبق فيهم إلّا صبيّ صغير ، ابن خمس سنين ، قد ولّوه عليهم ، ولقبوه الفائز. فكتب الخليفة المقتفي (١) عهدا للملك نور الدين (٢) محمود بن زنكي على البلاد الشامية والمصرية ، وأرسله إليه ، فسار حتّى أتى دمشق ، فحاصرها وانتزعها (٣) من يد ملكها مجير الدين بن طغتكين ، وشرع في فتح بلاد الشام بلدا بلدا ، وأخذها من أيدي من استولى عليها من الفرنج.
فلما كان في سنة اثنتين وستّين أقبلت الفرنج في محافل كثيرة إلى الدور المصرية ، فأرسل نور الدين حمود أسد الدين شيركوه بن شادي ، ومعه ابن صلاح الدين يوسف بن أيّوب ، فسار إليها في ربيع الآخر ، وقد وقع في النفوس كأن صلاح الدين سيملك الديار المصرية ، وفي ذلك يقول عرقلة الشاعر :
أقول والأتراك قد أزمعت |
|
مصر إلى حرب الأعاريب |
ربّ كما ملّكتها يوسف الصّدّ |
|
يق من أولاد يعقوب |
يملكها في عصرنا يوسف الصّا |
|
دق من أولاد أيّوب |
__________________
(١) بويع بالخلافة ثامن عشر ذي الحجة سنة ٥٣٠ ه. [الكامل لابن الأثير : ٨ / ٣٥٥].
(٢) وهو نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي بن آقسنقر صاحب الموصل والشام. [الكامل لابن الأثير : ٩ / ١٣].
(٣) في هذه السنة ٥٤٩ ه في صفر ملك نور الدين محمود بن زنكي بن آقسنقر مدينة دمشق من صاحبها مجير الدين أنز بن محمد بن بوري بن طغتكين. [الكامل لابن الأثير : ٩ / ٤٥].