ويحرسهم من التخطّف والأذى في حالتي الظّعن والمقام ؛ فإنّ الحجّ أحد أركان الدين المشتدة ، وفروضه الواجبة المؤكّدة ، قال تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [الحج : ٩٧].
وأمره بتقوية أيدي العاملين بحكم الشّرع في الرّعايا ، وتنفيذ ما يصدر عنهم من الأحكام والقضايا ، والعمل بأقوالهم فيما يثبت لذوي الاستحقاق ، والشدّ على أيديهم فيما يرونه من المنع والإطلاق ، وأنّه متى تأخّر أحد الخصمين عن إجابة داعي الحكم ، أو تقاعس في ذلك لما يلزم من الأداء والغرم ، جذبه بعنان القسر إلى مجلس الشّرع ، واضطره بقوّة الأنصار إلى الأداء بعد المنع ، وأن يتوخّى عمّال الوقوف الّتي تقرّب المتقربون بها ، واستمسكوا في ظلّ ثواب الله بمتين سببها ، وأن يمدّهم بجميل المعاونة والمساعدة ، وحسن المؤازرة والمعاضدة ، في الأسباب التي تؤذن بالعمارة والاستنماء ، ويعود عليها بالمصلحة والاستخلاص والاستيفاء ، قال تعالى : (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) [المائدة : ٢].
وأمره أن يتخيّر من أولي الكفاية والنزاهة من يستخلصه للخدم والأعمال ، والقيام بالواجب ؛ من أداء الأمانة والحراسة والتمييز لبيت المال ، وأن يكونوا من ذوي الاطّلاع بشرائط الخدم المعيّنة وأمورها ، والمهتدين إلى مسالك صلاحها.
[شعر]
قال الصلاح الصّفديّ في تاريخه : حكى صاحب كتاب الإشعار بما للملوك من النوادر والأشعار ، قال : كان الملك الكامل ليلة جالسا فدخل عليه مظفّر (١) الأعمى ، فقال له أجزيا مظفّر :
قد بلغ الشوق منتهاه
فقال مظفّر :
وما درى العاذلون ما هو
فقال السّلطان :
ولي حبيب رأى هواني
__________________
(١) هو مظفر بن ابراهيم بن جماعة ... العيلاني الشاعر الضرير ، ولد سنة ٥٤٤ ه بمصر ، توفي سنة ٦٢٣ ه. [شذرات الذهب : ٥ / ١١١].