جزيرة مصر لا عدتك مسرّة |
|
ولا زالت اللّذات فيك اتّصالها |
فكم فيك من شمس على غصن بانة |
|
يميت ويحيي هجرها ووصالها |
مغانيك فوق النيل أضحت هوادجا |
|
ومختلفات الموج فيها جمالها |
ومن أعجب الأشياء أنك جنّة |
|
ترفّ على أهل الضلال ظلالها |
وقال ظافر الحداد :
انظر إلى الروضة الغرّاء والنيل |
|
واسمع بدائع تشبيهي وتمثيلي |
وانظر إلى البحر مجموعا ومفترقا |
|
هناك أشبه شيء بالسراويل |
والريح تطويه أحيانا وتنشره |
|
نسيمها بين تفريك وتعديل |
الأسعد (١) بن ممّاتي في الروضة ، وقد حلّها السلطان الملك الكامل :
جزيرة مصر ، أنت أشرف موضع |
|
على الأرض لمّا حلّ فيك محمد |
وفيك علا البحران لكنّ كفّ ذا |
|
على الناس أندى بالعطاء وأجود |
وأصبحت الأغصان من فرح به |
|
تمايل ، والأطيار فيك تغرّد |
يرقّ نسيم حين سار وجدول |
|
ويشدو هزار حين يرقص أملد (٢) |
ذكر خليج مصر
قال المقريزيّ : هذا الخليج بظاهر فسطاط مصر ، ويمرّ من غربيّ القاهرة ، وهو خليج قديم احتفره بعض قدماء ملوك مصر بسبب هاجر أمّ إسماعيل حين أسكنها إبراهيم عليهالسلام بمكّة ، ثم تمادته الدهور والأعوام ، فجدّد حفره ثانيا بعض من ملك مصر من ملوك الرّوم بعد الإسكندر ، فلمّا فتحت مصر على يد عمرو بن العاص ، جدّد حفره بإشارة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، فحفر عام الرّمادة ، وكان يصبّ في بحر القلزم كما تقدّم في أوّل الكتاب ، ولم يزل على ذلك إلى أن قام محمد (٣) بن عبد الله بن حسن ابن حسن بن عليّ بن أبي طالب بالمدينة ، فكتب الخليفة المنصور إلى عامله بمصر أن
__________________
(١) شذرات الذهب : ٥ / ٢٠ : هو القاضي الأسعد أبو المكارم أسعد بن الخطير أبي سعد مهذب بن ميناس بن زكريا بن أبي قدامة بن أبي مليح مماتي المصري الكاتب الشاعر ، كان ناظر الدواوين بالديار المصرية. توفي سنة ٦٠٦ ه.
(٢) الأملد : الناعم اللين من الناس أو الغصون.
(٣) النفس الزكيّة : مروج الذهب : ٣ / ٢٩٤.