والجامع الأفخر (١) ؛ وهو الذي يقال له اليوم جامع الفكاهيّين بناه الخليفة الظافر.
وجامع الصالح (٢) خارج باب زويلة بناه الملك الصالح طلائع بن رزّيك وزير الخليفة الفائز.
ذكر أمّهات المدارس والخانقاه العظيمة بالديار المصرية
قال : أوّل من بنى المدارس في الإسلام الوزير نظام الملك قوام الدين الحسن بن عليّ الطوسيّ ، وكان وزير السلطان ألب أرسلان السلجوقيّ عشر سنين ، ثمّ وزر لولده ملكشاه عشرين سنة. وكان يحبّ الفقهاء والصوفيّة ويكرمهم ، ويؤثرهم ، بنى المدرسة النظاميّة ببغداد ، وشرع فيها في سنة سبع وخمسين وأربعمائة ، ونجزت سنة تسع وخمسين ، وجمع الناس على طبقاتهم فيها يوم السبت عاشر ذي القعدة ليدرس فيها الشيخ أبو إسحاق الشّيرازي ، فجاء الشيخ ليحضر الدرس ، فلقيه صبيّ في الطريق ، فقال : يا شيخ ؛ كيف تدرس في مكان مغصوب؟ فرجع الشيخ ؛ واختفى. فلمّا يئسوا من حضوره ، ذكر الدّرس بها أبو نصر بن الصبّاغ عشرين يوما. ثمّ إنّ نظام الملك احتال على الشيخ أبي إسحاق ولم يزل يرفق به حتّى درّس بها ، فحضر يوم السّبت مستهلّ ذي الحجّة ، وألقى الدرس بها إلى أن توفّي. وكان يخرج أوقات الصلاة فيصلّي بمسجد خارجها احتياطا. وبنى نظام الملك أيضا مدرسة بنيسابور تسمّى النظاميّة ، درّس بها إمام الحرمين ، واقتدى النّاس به في بناء المدارس.
وقد أنكر الحافظ الذهبيّ في تاريخ الإسلام على من زعم أنّ نظام الملك أوّل من بنى المدارس وقال : قد كانت المدرسة البيهقيّة بنيسابور قبل أن يولد نظام الملك ، والمدرسة السعيديّة بنيسابور أيضا ، بناها الأمير نصر بن سبكتكين أخو السلطان محمود لما كان واليا بنيسابور ، ومدرسة ثالثة بنيسابور ، بناها أبو سعد إسماعيل بن عليّ بن المثنّى الأستراباذي الصوفيّ الواعظ شيخ الخطيب ، ومدرسة رابعة بنيسابور أيضا بنيت للأستاذ أبي إسحاق (٣).
قال الحاكم في ترجمة الأستاذ أبي إسحاق : لم يكن بنيسابور مدرسة قبلها مثلها ؛ وهذا صريح في أنّه بني قبلها غيرها. قال القاضي تاج الدين السّبكي في طبقاته الكبرى :
__________________
(١) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٩٣ : جامع الظافر ، وكان يقال له الجامع الأفخر ، ويقال له اليوم جامع الفاكهيين ، بناه الخليفة الظافر سنة ٥٤٣ ه.
(٢) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٩٣.
(٣) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٣٦٣.