دينار ، وحملها إليه فلم يقبلها ، ولم يزل إلى أن مات (١) في المحرّم سنة خمس وتسعين ، وله سبع (٢) أو ثمان وعشرون سنة ، ودفن في قبّة الإمام الشافعيّ.
فأقيم ولده ناصر الدين محمد ، ولقّب المنصور ، فاستمرّ إلى رمضان سنة ستّ وتسعين ، ثمّ استفتى عمّ أبيه العادل سيف الدين أبو بكر بن أيّوب بن شاذي الفقهاء في عدم صحّة مملكته لكونه صغيرا ابن عشر سنين ، فأفتوا بأن ولايته لا تصحّ ، فنزع ، وأقيم الملك العادل. وقيل إنّ العادل أخذها (٣) من الأفضل عليّ بن السلطان صلاح الدين ، وكان الأفضل غلب عليها ، وانتزعها من المنصور ، وأرسل العادل إلى الخليفة يطلب التقليد بمصر والشام ، فأرسله إليه مع الشهاب السّهرورديّ ، فكان يصيف بالشام ويشتي بمصر ، وينتقل في البلاد إلى أن مات (٤) يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وستّمائة.
ومن قول ابن عنّين فيه :
إنّ سلطاننا الذي نرتجيه |
|
واسع المال ضيّق الإنفاق |
هو سيف كما يقال ولكن |
|
قاطع للرّسوم والأرزاق (٥) |
والعادل أوّل من سكن قلعة الجبل بمصر من الملوك ، سكنها في سنة أربعين (٦) وستّمائة ، ونقل إليها أولاد العاضد وأقاربه في بيت في صورة حبس ، وكان ابنه الملك الكامل ناصر الدين أبو المعالي محمد ينوب عنه بمصر في أيام غيبته ، فاستقلّ بها بعد وفاته.
[الفرنج في دمياط]
وفي هذه السنة نزلت الفرنج على دمياط (٧) ، وأخذ برج السّلسلة ، وكان حصنا
__________________
(١) وكان سبب موته أنه خرج إلى الصيد ، فوصل إلى الغيوم متصيّدا فرأى ذئبا ، فركض فرسه في طلبه فعثر الفرس فسقط عنه في الأرض ولحقته حمّى. [الكامل لابن الأثير : ٩ / ٢٤٣].
(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٥ : سبع وعشرين سنة وأشهر.
(٣) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٥ : فكاتب أمراء الدولة الملك الأفضل علي بن صلاح الدين ... فاستولى على الأمور ... وخرج العادل في أثر الأفضل إلى بلبيس فكسره والتجأ إلى القاهرة وطلب الصلح ، فعوّضه العادل صرخد ، ودخل العادل إلى القاهرة.
(٤) في الخطط المقريزية : مات في مرج الصفر وحمل إلى دمشق.
(٥) لأن نهر النيل قلت مياهه في عهده وغلت الأسعار وتعذر وجود الأقوات حتى أكلت الجيف وحتى أكل الناس بعضهم بعضا. [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٥].
(٦) لعلّ الصواب : أربع وستمائة.
(٧) في رابع ربيع الأول سنة ٦١٥ ه : [الخطط المقريزية : ٢ / ٢٣٥].