وقال القضاعيّ : لم تكن الجمعة تقام في زمن عمرو بن العاص بشيء من أرض مصر إلا بجامع الفسطاط.
قال ابن يونس : جاء نفر من غافق إلى عمرو بن العاص ، فقالوا : إنّا نكون في الريف ، فنجتمع في العيدين الفطر والأضحى ، ويؤمّنا رجل منّا ، قال : نعم ، قالوا : فالجمعة؟ قال : لا ، ولا يصلّي الجمعة بالناس إلّا من أقام الحدود ، وأخذ بالذنوب ، وأعطى الحقوق.
جامع عمرو
قال ابن المتوّج في إيقاظ المتغفّل وإيعاظ المتؤمّل : هو الجامع العتيق المشهور بتاج الجوامع (١) ، قال اللّيث بن سعد : ليس لأهل الراية مسجد غيره ؛ وكان الذي حاز موضعه ابن كلثوم التّجيبيّ (٢) ، ويكنى أبا عبد الرحمن ، ونزله في حصارهم الحصن ، فلمّا رجعوا من الإسكندرية سأل عمرو قيسبة في منزله هذا ، تجعله مسجدا؟ فقال قيسبة : فإنّي أتصدّق به على المسلمين ، فسلّمه إليهم ؛ فبني في سنة إحدى وعشرين ، وكان طوله خمسين ذراعا في عرض ثلاثين. ويقال إنّه وقف على إقامة قبلته ثمانون رجلا من الصحابة ، منهم الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصّامت وأبو الدرداء وأبو ذرّ وأبو بصرة ومحمية (٣) بن جزء الزّبيديّ ونبيه بن صواب وفضالة بن عبيد وعقبة بن عامر ورافع بن مالك وغيرهم.
ويقال إنّها كانت مشرفة جدّا ، وأنّ قرّة بن شريك لما هدم المسجد وبناه في زمن الوليد تيامن (٤) قليلا.
وذكر أنّ الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة كانا يتيامنان إذا صلّيا فيه ؛ ولم يكن للمسجد الذي بناه عمرو محراب مجوّف ، وإنّما قرّة بن شريك جعل المحراب المجوّف.
وأوّل من أحدث ذلك عمر بن عبد العزيز ، وهو يومئذ عامل الوليد على المدينة حين هدم المسجد النبويّ ، وزاد فيه.
__________________
(١) انظر الخطط المقريزية : ـ ٢ / ٢٤٦.
(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٦ : قيسبة بن كلثوم التجيبي.
(٣) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٧ ؛ محمئة.
(٤) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٧.