وأوّل من زاد في جامع عمرو مسلمة (١) بن مخلد ، وهو أمير مصر سنة ثلاث وخمسين ، شكا الناس إليه ضيق المسجد ، فكتب إلى معاوية ، فكتب معاوية إليه يأمره بالزيادة فيه ، فزاد فيه من بحرية (٢) ، وجعل له رحبة من البحريّ وبيّضه وزخرفه ، ولم يغيّر البناء القديم ، ولا أحدث في قبلته ولا غربيّه شيئا.
وكان عمرو قد اتّخذ منبرا ، فكتب إليه عمر بن الخطاب رضياللهعنه يعزم عليه في كسره : أما يحسبك أن تقوم قائما ، والمسلمون جلوس تحت عقبيك! فكسره (٣).
وذكر أنّه زاد من شرقيّه حتّى ضاق الطريق بينه وبين دار عمرو بن العاص وفرشه بالحصر وكان مفروشا بالحصباء.
وقال في كتاب الجند العربيّ : إنّ مسلمة نقض جميع ما كان عمرو بن العاص بناه ، وزاد فيه من شرقيّه ، وبنى فيه أربع صوامع (٤) ، في أركانه الأربع برسم الأذان ، ثمّ هدمه عبد العزيز بن مروان أيّام إمرته بمصر في سنة تسع وسبعين ، وزاد فيه من ناحية الغرب ، وأدخل فيه الرّحبة التي كانت بحريّه (٥).
ثم في سنة تسع وثمانين أمر الوليد نائبه بمصر برفع سقفه وكان مطأطئا ، ثمّ هدمه قرّه بن شريك بأمر الوليد سنة اثنتين وتسعين وبناه ، فكانوا يجمعون في قيساريّة العسل حتى فرغ من بنائه في رمضان سنة ثلاث وتسعين ، ونصب فيه المنبر الجديد في سنة أربع وتسعين ، وعمل فيه المحراب المجوّف ، وعمل للجامع أربعة أبواب ، ولم يكن له قبل إلا بابان ، وبنى فيه بيت المال بناه أسامة بن زيد التنّوخيّ متولّي الخراج بمصر سنة تسع وتسعين ؛ فكان مال المسلمين فيه ، ثمّ زاد فيه صالح بن عليّ بن عبد الله بن عباس ، وهو يومئذ أمير من قبل السّفاح ، وذلك في سنة ثلاث وثلاثين ومائة ، فأدخل فيه دار الزبير بن العوام ، وأحدث له بابا خامسا (٦).
ثمّ زاد فيه موسى بن عيسى الهاشميّ ، وهو يومئذ أمير مصر من قبل الرشيد في شعبان سنة خمس وسبعين ومائة.
ثمّ زاد عبد الله بن طاهر بن الحسين ـ وهو أمير مصر من قبل المأمون ـ في
__________________
(١) الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٧.
(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٧ : فزاد فيه من شرقيّه وبحريّه.
(٣) انظر المصدر السابق.
(٤) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٧ : بأمر معاوية.
(٥) في المصدر السابق : التي كانت في بحريّه.
(٦) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٩.