جمادى الآخرة سنة اثنتي عشرة ومائتين ؛ فتكامل ذرع الجامع مائتين (١) وتسعين ذراعا بذراع العمل طولا في مائة وخمسين عرضا. ويقال إن ذرع جامع ابن طولون مثل ذلك سوى الأزقّة المحيطة بجوانبه الثلاثة. ونصب عبد الله بن طاهر اللّوح الأخضر ، فلما احترق الجامع احترق ذلك اللوح ، فجعل أحمد بن محمد العجيفيّ هذا اللوح مكانه ، وهو الباقي إلى اليوم.
ولما تولّى الحارث بن مسكين القضاء من قبل المتوكّل سنة ثلاث (٢) وثلاثين ومائتين ، أمر ببناء هذه الرحبة لينتفع الناس بها ، وبلّط زيادة بن طاهر ، وأصلح السّقف.
ثمّ زاد فيه أبو أيّوب أحمد بن محمد بن شجاع صاحب الخراج في أيام المستعصم (٣) في سنة ثمان وخمسين ومائتين.
ثمّ وقع في مؤخّر الجامع حريق في ليلة الجمعة لتسع خلون من صفر سنة خمس وسبعين ومائتين ، فأمر خمارويه بن أحمد بن طولون بعمارته على يد العجيفيّ ، فأعيد على ما كان ، وأنفق فيه ستّة آلاف وأربعمائة دينار ، وكتب اسم خمارويه في دائرة الرّواق الذي عليه اللوح الأخضر.
وزاد فيه أبو حفص العباسيّ أيّام نظره في قضاء مصر خلافة لأخيه الغرفة التي يؤذّن فيها المؤذّنون في السطح ؛ وذلك في سنة ستّ وثلاثين وثلثمائة.
ثمّ زاد فيه أبو بكر محمد بن عبد الله بن الخازن رواقا مقداره تسعة أذرع ، وذلك في رجب سنة سبع وخمسين وثلثمائة ، ومات قبل إتمامه فأتّمه ابنه عليّ ، وفرغ في رمضان سنة ثمان وخمسين [وثلاثمائة](٤) ، ثم بنى فيه الوزير أبو الفرج يعقوب (٥) بن كلّس بأمر العزيز بالله الفوّارة التي تحت قبّة بيت المال ، وهو أوّل من عمل فيه فوّارة.
وفي سنة سبع وثمانين وثلثمائة بيّض المسجد ، ونقشت ألواحه ، وذهّب على يد برجوان الخادم ، وعمل فيه تنّور يوقد كلّ ليلة جمعة.
وفي سنة ثلاث وأربعمائة أنزل إليه من القصر بألف ومائتين (٦) وتسعين مصحفا في ربعات ، فيها ما هو مكتوب بالذهب كلّه ، ومكّن الناس من القراءة فيها ، وأنزل إليه تنّور
__________________
(١) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٤٩ : مائة.
(٢) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٠ : سبع.
(٣) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٠ : المعتصم.
(٤) انظر الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٠.
(٥) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٠ : ابن يوسف بن كلّس.
(٦) في الخطط المقريزية : ٢ / ٢٥٠ : وثمانية وتسعين مصحفا.