فلما تواقفوا للحرب جعل مالك يدور على أصحابه راية راية وكتيبة كتيبة.
ويقول «أيا معشر الأزد يا أهل النجدة والحفاظ حاموا عن أحسابكم وذبوا عن أبنائكم قاتلوا وناصحوا ملككم وسلطانكم. فإنكم إن انهزمتم تبعتكم الفرس بجنودها فاختطفوكم واصطادوكم بين كل حجر ومدر ، وباد عنكم ملككم وسلطانكم فوطنوا أنفسكم على الحرب وعليكم بالصبر والحفاظ فإن هذا اليوم له ما بعده». وجعل يحرضهم ويأمرهم بالصبر والحفاظ.
ثم أن المرزبان زحف بجميع عساكره وقواده وجعل الفيلة أمامه ، وأقبل نحو مالك وأصحابه ونادى مالك بالحملة عليهم وقال يا معشر الأزد اعملوا معي فداكم أبي وأمي على هذه الفيلة فاكتنفوها بأسيافكم وأسنتكم.
ثم حمل وحملوا معه على الفيلة بالرماح والسيوف ورشقوها بالسهام فولت الفيلة راجعة على عسكر المرزبان فوطئت منهم خلقا كثيرا وحمل مالك وكافة أصحابه على المرزبان فانتفضت صفوف العجم وجالوا جولة ثم تزاحفت العجم بعضها إلى بعض وأقبلت في حدها وحديدها. وصاح المرزبان بأصحابه وأمرهم بالحملة فالتقى الجمعان واختلف الطعن والضرب والطعان واشتد القتال وعظم النزال ولم يسمع إلا صليل الحديد ووقع السيوف فاقتتلوا يومهم ذلك إلى أن حال بينهم الليل وانصرف بعضهم عن بعض. وقد كثر القتل والجراح في الجميع.
ثم ابتكروا من الغد فاقتتلوا قتالا شديدا وقتل من الفرس خلق كثير وثبتت لهم الأزد إلى أن حال بينهم الليل.
فلما أصبحوا في اليوم الثالث زحف الفريقان بعضهم إلى بعض فوقفوا مواقفهم تحت راياتهم وأقبل أربعة نفر من المرازبة والأساورة ممن كان يعد الواحد منهم بألف رجل حتى دنوا من مالك فقالوا هلم إلينا لننصفك من أنفسنا