ويبارزك منا واحد بعد واحد. فتقدم مالك إليهم وخرج واحد منهم فطارد مالكا ساعة فعطف عليه مالك فطعنه برمحه في صلبه فخر على فرسه إلى الأرض فضربه بالسيف فقتله.
ثم حمل الفارس الثاني على مالك وضرب مالكا فلم تصنع ضربته شيئا وضربه مالك على مفرق رأسه فقد البيضة والرأس وخر الفارس ميتا. ثم حمل على الفارس الثالث فضربه مالك على عاتقه فقسمه قسمين ووصل السيف إلى الدابة فقطعها نصفين ، فلما رأى الفارس الرابع ما صنع مالك بأصحابه كاعت نفسه (١) وولى راجعا نحو أصحابه حتى دخل بينهم وانصرف مالك إلى موقفه وقد تفاءل بالظفر. وفرحت بذلك الأزد فرحا شديدا ونشطوا للحرب.
فلما رأى المرزبان ما صنع مالك بقواده الثلاثة دخلته الحمية والغضب فخرج من بين أصحابه وقال (لا خير لي في الحياة بعدهم) ونادى مالكا وقال له :
(.. أيها العربي أخرج إلي إن كنت تحاول ملكا فأينا ظفر بصاحبه كان له ما يحاول ولا نعرض أصحابنا للهلاك).
فخرج إليه مالك برباطة جأش وشدة قلب فتجاولا بين الصفين مليا وقد قبض الجمعان أعنة خيولهم ينظرون ما يكون منهما ، ثم أن المرزبان حمل على مالك بالسيف حملة الأسد فراغ عنه مالك وضربه بسيفه على مفرق رأسه فقد البيضة والدرع وأبان رأسه عن جسده فزحف الفريقان بعضهما إلى بعض واقتتلوا من نصف النهار إلى العصر وأكل أصحاب المرزبان السيف وصدقتهم الأزد الضرب والطعان فولوا منهزمين حتى انتهوا إلى معسكرهم وقد قتل منهم خلق كثير وكثر الجراح في عامتهم فعند ذلك أرسلوا إلى مالك يطلبون منه الصلح وأن يكف عنهم الحرب وأن يؤجلهم إلى سنة ليخرجوا من عمان وأعطوه
__________________
(١) كاعت بمعنى خافت وجزعت (المعجم الوسيط).