كان في جانب الدار برج لمحمد بن مهنا فيه عسكر كثير فجرت عليه النصارى قطع القطن وضربوه بمدفع حتى أنهدم منه البعض وخرج القوم عنه فدخلته النصارى فعلم محمد بن مهنا بذلك فندب قومه فوقع بينهم القتال على البرج بالليل فقتل عند ذلك علي بن ذهل بن محمد بن حافظ وقتل محمد بن مهنا الهديفي ليلة أحد عشرين من ربيع الاخر سنة خمس وعشرين بعد الألف (١).
أقام بعد ذلك سلطان بن حمير بن محمد بن حافظ النبهاني وأخوه كهلان ابن حمير وابن عمه مهنا بن حافظ وعسكرهم في الحصن بعد ما قتل محمد بن مهنا الهديفي ، فلما علم الأمر حمير بن محمد أن سيد القوم قتل ندب قومه للقتال فكان القتال بينهم في الليل ، ثم طلع عمير بمن معه من تلقاء جامع البلد فلم يمنعه أحد فقتل عند ذلك سلطان بن حمير فانكسر القوم فساروا أشتاتا متفرقين فمنهم من قتل ومنهم من أحرق ومنهم من أسر ومنهم من جرح ومنهم من خرج ذاهبا على وجهه لا يدري أين يتوجه ولا أين يذهب وعلى هذا جميع أهل البلد فأحرقت البلد بأجمعها من أولها إلى أخرها وأقام النصارى في حصن صحار ورجع الأمير عمير إلى بلده سمايل جذلا مسرورا (٢).
وكان مخزوم بن فلاح متوليا حصن ينقل فقبض منهم رجلين فأمر عبده ليقتل واحدا منهم فسل عليه السيف ليضربه فاستجار به فلم يجره وضربه ضربة ثانية فاستجار به فلم يجره فلما أراد ليضربه ثالثة استجار بالله فأهوى إليه ليمسك فاه والعبد قد أهوى بالسيف فضرب يد مخزوم وأقام سبعة أيام بجراحه ومات منه ، وأما الرجل فإنه سحبه العبد يظنه ميتا وبه رمق من الحياة فمر به رجل من أهل البلد فقال من يعينني على مواراة هذا الرجل فنطق الجريح
__________________
(١) ١٠٢٥ ه / ١٦١٦ ميلادية
(٢) وردت في بعض النسخ (خذلانا لا مسرورا)