الصراع ، وعلى الأخص بصدد بناء سكة حديد بغداد ، انجذبت روسيا أيضا. وظهرت في الخليج العربي السفن الحربية والتجارية الروسية (١). وقد حاولت الأطراف المتصارعة هنا الإستفادة في مصلحتها من بأس روسيا ونفوذها. ومن الأدلة الطريفة على محاولات الديبلوماسية الالمانية من هذا النوع رسائل ادوارد غلازر الاختصاصي في تاريخ جنوب الجزيرة العربية وثقافتها ، وعميل المخابرات الالمانية الكبير كما يتضح من هذه الرسائل التي أرسلها في خريف ١٨٩٨ إلى وزير الخارجية في روسيا ميخائيل مورافيوف. وهدف هذه الرسائل ومحورها الرغبة في إستثارة تدخل روسيا في شؤون الجزيرة العربية إلى جانب تركيا ، الأمر الذي كان من شأنه أن يؤدي في آخر المطاف إلى تقارب فرنسي روسي الماني ذي وجهة معادية للانجليز. وفي المانيا كانوا يخشون خارق الخشية من أن توافق روسيا على اقتراح بتقسيم الإمبراطورية العثمانية إلى مناطق نفوذ من إحالة جميع الأراضي العربية إلى إنجلترا. هذه المقترحات تقدم بها في كانون الثاني (يناير) سنة ١٨٩٨ رئيس وزراء بريطانيا العظمى سولسبيري. وقد كان من شأن تطبيقها أن يؤدي إلى انهيار سياسة القيصر الالماني «البغدادية» كلها. وقد حسب سولسبيري ، إذ تقدم بإقتراحاته ، أن تحول المانيا دون تعزيز مواقع روسيا في الشرق الأوسط تعزيزا جوهريّا وأن تعود الأراضي العربية إلى إنجلترا. ولكن الديبلوماسية
__________________
ـ ١٩٦٨ ؛ أ. س. سيلين. توسع المانيا في الشرق الأدنى في أواخر القرن التاسع عشر. موسكو ، سنة ١٩٧١ ؛ ل. غ. ايستياغين. التسر الالماني إلى إيران والمواجهة الروسية الالمانية عشية الحرب العالمية الأولى. موسكو ، ١٩٧٩ ؛ يو. أ. بويق. الشرق الأدنى في سياسة فرنسا الخارجية (١٨٩٨ ـ ١٩١٤). لمحات في تاريخ نضال فرنسا الديبلوماسي من أجل الشرق الأدنى. كييف ، سنة ١٩٦٤.
(١) راجع أ. ريزفان. السفن الروسية في الخليج العربي (١٨٩٩ ـ ١٩٠٣). مواد أرشف الدولة المركزي للاسطول البحري الحربي. موسكو ، سنة ١٩٩٠ (باللغة العربية).