بشوشون جدّا ، مضيافون ، ودودون ، مستعدون دائما لمد يد العون عند الاقتضاء ، رفاق ممتازون في الطريق ؛ وسكان الحجاز الآخرون يفسرون على طريقتهم هذه السمات من طبع أهل المدينة المنورة قائلين أن بركة النبي لا تزال تشملهم لأنهم كرموه بعد الهجرة من مكة.
في عداد السكان القادمين يوجد بضع مئات من السرت ؛ وهم هنا على الأغلب فعلة عاديون ، غير ماهرين ، ينافسون الارقاء بنجاح. والأتراك والمصريون وغيرهم يلعبون هنا نفس الدور الذي يلعبونه في مكة.
وفي المدينة تعيش ٣١ عائلة من التتر من رعايا روسيا ، هاجرت إلى هنا في أزمان مختلفة ولأسباب مختلفة ، واحبت هذه المدينة وشكلت هنا جالية صغيرة في ضاحية مناخة. وهذه الجالية يرأسها عبد الستار ، الذي استقر هنا منذ ٤٠ سنة والذي نزح من محافظة استراخان.
والتتر المحليون نزحوا بأغلبيتهم من روسيا بعد الاضطرابات التي نشبت بينهم في سنة ١٨٩٢ ؛ وقسم منهم حرفيون وتعساء جاؤوا يبحثون عن السعادة ؛ وهناك بينهم أيضا تلامذة في المدارس الدينية المحلية تزوجوا واستقروا هنا للإقامة الدائمة. وأعضاء هذه الجالية يكسبون جميع موارد رزقهم من الحجاج من أبناء قوميتهم ؛ فهم يستقبلون القوافل القادمة من جهة ينبع ويحاولون أن ينزلوا الحجاج في بيوتهم ، ويقدمون لهم الطعام ويحاولون أن يستحصلوا على «بدل» ؛ وحين تعتزم القوافل مواصلة السير ، يتجمع جميع أعضاء الجالية لتوديع القوافل لكي يحصلوا من مواطنيهم على صدقة هي عادية في مثل هذه الأحوال ؛ وأن من يفلحون في الحصول على بدل ، يذهبون مع الحجاج لأجل إداء فرائض الحج في مكة ؛ ومن مكة يعودون مع حجاج آخرين ، وينزلونهم في البيوت ويودعونهم بموجب النظام نفسه. وعند إنتهاء الحد ، يذهب بعض من التتر المحليين إلى روسيا لزيارة اقربائهم ، والأهم ، لجمع الصدقات التي يقدمونها لهم بطيبة خاطر بوصفهم من سكان المدينة المقدسة ،