القاهرة ، ارسال ١٠٠٠ نسخة إلى روسيا حيث كان من الممكن ، باعتبار أنها ترتكز على القرآن الكريم وحسب ، أن تستثير الاضطراب والغليان وسط قسم معين من السكان المسلمين. وحين غادرت القاهرة في شهر كانون الثاني (يناير) من السنة الجارية ، لم يكن الكراس قد طبع بعد ، نظرا لمرض الشخص الذي عهد إليه بطبعه.
ومع ذلك لا يتزايد عدد التتر في المدينة المنورة من جراء الظروف المناخية المرهقة ومن جراء النسبة الكبيرة من الوفيات. وإذا ماتت الزوجة ، راح الأرمل للتزوج من جديد إلى روسيا ؛ ومنها يحاول أن يجلب أيضا زوجات لأولاده الراشدين واخوته وغيرهم ، متجنبا بكل اجتهاد القران بالعربيات المحليات إذ يجد أنهن مفرطات في تطلباتهن ومتقلبات الهواء.
أشغال السكان في المدينة المنورة تشبه أشغال السكان التي رأيناها في مكة ـ جزئيّا التجارة ؛ وأساسا مختلف موارد الرزق من خدمة الحجاج.
البازارات في المدينة المنورة عبارة عن نسخة غير كبيرة عن بازار مكة ، وهي تتاجر بالبضائع ذاتها تماما ، ولكنها تبيع بأسعار أغلى بكثير ونادرا ما تطرأ عليها التقلبات ، نظرا لأن استجلاب البضائع أصعب ولأن العرض غير كبير. وبدرجة كبيرة جدّا ترتفع أسعار مواد الضرورة الأولية المستجلبة من ينبع ومنها مثلا الشاي والسكر. أما القمح والرز فإن المدينة المنورة تحصل عليهما جزئيّا بفضل القوافل القادمة من منطقة ما بين النهرين ؛ بينما ترد سمنة البقر والضأن والدهن من نجد. وفي سنة ١٨٩٨ ، تشكي الناس بخاصة من غلاء أسعار المنتوجات المعيشية المحلية ، الناجم عن انقطاع المطر في الشتاء السابق والنقص العام في المعلف. وكانت أسعار سلع الضرورة الأولية بالمتوسط للرطل الواحد كما يلي :