أدت سياسة روسيا حيال الإسلام إلى تعاظم التعاطف معها في صفوف الشعوب الإسلامية. وإننا نجد دليلا طريفا على ذلك في «تقرير» دولتشين الذي أورد قول المدرّس السيّد علي ظاهر المشهور في الحجاز : «إيماننا صحيح ؛ ولا ريب في هذا ؛ ولكن لا وجود للعدالة في الدول الإسلامية ؛ يجب البحث عن العدالة عند الروس» (١). وفي هذا كان اخصام روسيا يستشفون خطرا على مصالحهم. وفي سنة ١٨٧٣ اتهمت الجريدة الإنجليزية» Pall ـ Mall Gazette «روسيا بدعم الهيئات الدينية الإسلامية إذ رأت فيه مكائد ضد إنجلترا (٢). وفي سنتي ١٨٧٣ و ١٨٧٤ غالبا ما كان الشاه الإيراني نصر الدين يردد «إن الروس أخطر من الإنجليز لأن المسلمين يكرهونهم أقل مما يكرهون الإنجليز» (٣).
على تخوم القرنين التاسع عشر والعشرين تبدت بكل وضوح في أوساط المسلمين من رعايا روسيا أيضا التغيرات في وعي الشعوب الإسلامية الديني ، ونشوء الاتجاهات المتصلة بتعاليم المهدي والبعث الإسلامي وتطور الميول الإصلاحية في الفكر الديني والفكر الاجتماعي السياسي. وفي عداد الوقائع من هذا النوع يسترعي الانتباه ظهور «فوج فايسوف الرباني» في سنة ١٨٦٢ ، الذي أسسه بهاء الدين فايسوف (١٨٠٤ ـ ١٨٩٣) والذي دام حتى سنة ١٩١٨ ، عندما قتل ابن مؤسس
__________________
(١) راجع أدناه «التقرير» ، ص ٦٤.
(٢) مقال الجريدة الإنجليزية هذا كان صدى لمقالة «الملالى المتجولون» («بيرجيفي فيدوموستي». سانت بطرسبورغ ، العدد ٣١٢ بتاريخ ٢١ ـ ١١ ـ ١٨٧٣). ردت الجريدة الروسية على حملات» Pall ـ Mall «بمقالتين : «تطلعات بريطانيا إلى الجزيرة العربية والاتهام الجديد ضد روسيا» (العدد ٣١٩ بتاريخ ٢٨ ـ ١١ ـ ١٨٧٣) و «اتهام روسيا بحماية الإسلام» (العدد ٣٣٩ بتاريخ ١٨ ـ ١٢ ـ ١٨٧٣).
(٣) راجع
B. G. Martin. German ـ Persian Diplomatic Relations. ٣٧٨١ ـ ٢١٩١. Monton, ٩٥٩١, ٧٢.