«البواخر الإنجليزية المنطلقة من الهند الموبوءة تمر بدون أي توقيف. بينما نحن المسافرين من أماكن سليمة يعرضوننا لمثل هذه العذابات. وحين يعاني الحجاز من الكوليرا أو من وباء آخر ما ، فليفرضوا الحجر الصحي. أما في السنوات الطيبة ، فهذا ظلم جلي».
وفي ينبع أيضا لم ترد معلومات دقيقة عن الحجر الصحي ؛ وبارتياب بالغ قابلوا تصريحات طاقم السفينة باننا سنتوقف ١٢ يوما في الطور ؛ وفي اليوم الثالث اقتربنا من هذه النقطة ونحن على كامل اليقين بأننا سنواصل السفر بعد وقفة قصيرة ، يقتنع فيها الأطباء أن كل شيء على ما يرام.
الطور بلدة صغيرة على الساحل الآسيوي من خليج السويس ، تتألف من عشرة بيوت حجرية من طابقين. على بعد زهاء فرستا اثنين إلى الجنوب ، تقع مجموعة من الخيام على ساحل البحر ، ومجموعات صغيرة من أشجار النخيل هنا وهناك. وهذا هو المحجر الصحي في الطور الذي يكرهه الحجاج بالغ الكره. الساحل واطئ ، الرمل وعس ، ويشكل بعيدا عن البحر جملة من كثبان مستطيلة ؛ في الافق ترتفع كتل حجرية معدومة الحياة من الجبال ؛ المنظر اشد كآبة مما في الحجاز.
اقتربت باخرتنا على بعد زهاء ٢٠٠ ساجين من الشاطئ ورمت المرساة. وكانت ترسو هنا بضع سفن اقلعت من ينبع قبلنا وفرضوا عليها الحجر الصحي. بعد ساعة انطلق من الساحل زورق بخاري صغير ونقل إلينا طبيبين اختصاصيين في الحجر الصحي ؛ وهذان تفحصا أوراق الباخرة ، ثم عادا بعد فترة وجيزة إلى الساحل. وفي هذه الأثناء نشر أحد المازحين إشاعة مفادها أن الحجر الصحي لن يفرض ؛ وصدق الجميع هذه الإشاعة حقا وفعلا واعربوا بصورة مختلفة عن فرحهم العظيم. ولكن سرعان ما عاد الزورق قاطرا ثلاثة زوارق كبيرة ؛ وفي الحال بدأ انزال الركاب ونقل كل امتعتهم إلى الساحل ، الأمر الذي استغرق