مختلف القوميات ، ذهلت : يا للشعب النحيل والمنهوك القوى! هذه الرحلة إلى الحجاز ترهقهم جميعا! وما أن يتلقوا أمتعتهم حتى يرتدوا ثيابهم ، بينما يرمون بياض المحجر الصحي بحنق على الأرضية القذرة والرطبة ؛ ومن هذه الأرضية يأخذ الخدم هذا البياض وينقلونه لأجل الاستعمال لاحقا. ارتديت ثيابي من جديد وخرجت إلى الحوش ووجدت عند الباب كل امتعتي بدون أي أثر لأي تعقيم. ثم شرعوا ينقلون الأمتعة إلى ما وراء البوابة ، لكي ينقلوها إلى المخيم حيث يفرضون الحجر الصحي على الحجاج.
أقيم هذا المخيم على بعد زهاء ٤٠٠ ساجين عن الساحل ، وهو عبارة عن صف واحد ، بموازاة ساحل البحر ، من أحواش مربعة صحيحة التخطيط (أقسام) مفصولة بعضها عن بعض بشبكة عالية من الأسلاك ، ولها بوابة واحدة تطل على الواجهة ؛ وقرب هذه البوابة يتواجد المخفر الذي يرسلون منه حراسا إلى جميع أنحاء المخيم. وداخل السياج ، خيام صغيرة واطئة تتسع الواحدة منها ل ٥ ـ ١٠ أشخاص. وقرب البوابة توجد خيمة الطبيب ومعاونيه الأثنين ؛ وهنا بالذات يتواجد تحت السقيفة دكان وضرب من بوفيه ؛ وفي الخط الخلفي تقوم مراحيض منقولة مصنوعة من الواح خشبية. ومن يملكون خياما خاصة يفرزون لهم أيضا امكنة. يجب قول الحق ، فإن منظمي المحجر الصحي في الطور قد انشأوا هنا نظاما ظاهريا معينا ؛ ففي كل مكان مدوا الخطوط الحديدية ، وعليها ينقلون امتعة الحجاج ، ويستجلبون عليها الماء ٣ ـ ٤ مرات في اليوم ؛ ولهذا الغرض يستخدمون ثلاث عربات حديدية صغيرة على كل منها ثلاث براميل خشبية مزودة بحنفيات وخراطيم ، ينسكب الماء بواسطتها بصورة مناسبة ومريحة وسريعة جدّا في صهريجين حديديين موضوعين قرب البوابة. والماء نقي ، من نوعية مرضية ، ويستخرجونه من بئر بمحرك هوائي. وكل يوم يجمع الحراس بين الخيام والزبالة