وشتى النفايات ، ويراقبون بحيث لا يذهب الحجاج لقضاء حاجاتهم الطبيعية إلا إلى بيوت الخلاء التي يحافظون على نظافتها ويغسلونها على الدوام ، ويسكبون علها منقوع الكلس. وجميع الحجاج المعدمين يتلقون كل يوم على حساب الحكومة المصرية طعاما يتألف من رغيفي خبز صغيرين وزن كل منها زهاء رطل ، وحساء مطبوخ مرة باللحم ، ومرة أخرى بدون لحم. يبقى أن أضيف أن ساعي البريد يحضر كل يوم لأجل قبول الرسائل العادية والمضمونة وكذلك البرقيات ، وأن بواخر البريد التي تقوم برحلات بين موانئ البحر الأسود تأتي إلى هنا في زمن الحجر الصحي. ولكن الغلاء هنا رهيب ويشمل جميع المأكولات الضرورية ، وغالبا ما يستحيل كليا شراؤها. مثلا ، سعر نصف رطل لحم الضأن ٣٠ كوبيكا ؛ رغيف الخبز من الطحين الأسود ، وزنه نصف رطل ، وهو دائما قاس وعتيق ، سعره ٨ كوبيكات ؛ سعر الدجاجة ٨٠ كوبيكا ، سعر البيضة ٣ كوبيكات ، سعر الحطب (٣ ارطال) ٤ كوبيكات ، سعر الفحم الحجري ٥ كوبيكات للرطل الواحد.
منذ الأيام الأولى بالذات ، تبين أن عددا كبيرا جدّا من الحجاج يعانون من الأسهال. أصعفهم أرسلوهم قسرا إلى المستشفى الذي يخافه الحجاج خوفهم من النار. وقد حاول بعض ممن مرضهم أقل وطأة أن يطلبوا النصيحة والدواء من الطبيب ، ولكن تبين ، لما فيه دهشة الجميع ، انه لا يجوز هنا إعطاء النصائح والأدوية. فإذا كنت مريضا ، فعليك أن تتعالج في المستشفى.
ولكن الخدم أنفسهم كانوا ينظرون إلى العزلة الصارمة جدّا بالنسبة للحجاج ، بدون أي تنازل في صالحهم نظرة مغايرة تماما وبذلك كانوا يستشيرون على الدوام دمدمة الخاضعين للحجر الصحي ؛ فإن الحراس كانوا يمضون بحرية لأداء شتى تكليفات الإدارة ؛ وصاحب الدكان كان هو أيضا يتعامل بدون أي عائق مع بقية العالم. وحين أخذ الفرس يبيعون