أن يصلوا إلى مكة بأعداد كبيرة في الشهر المقبل وفي التأثير فيهم بروح ملائمة للسياسة الانجليزية ومعادية لروسيا («غولوس» ، سانكت بطرسبورغ ، سنة ٧٨ ، العدد ٢٨٩). ودون تقييم موضوعية هذا الخبر ، تجدر الإشارة إلى انه يدل على الأقل على رأى الصحفي من وكالة رويتر بصدد احتمال تأثير الحج العسكري السياسي.
إن مؤلفات المؤرخين والجغرافيين المسلمين القروسطيين تبيّن أن ممارسة الحج الثابتة قد قامت على امتداد قرون عديدة عند السكان المسلمين في الأراضي التي دخلت فيما بعد في قوام روسيا. فإن إبن بطوطة ، مثلا ، يرى أن اسم مدينة استراخان نفسه يرتبط بإعفاء هذه المدينة من الضرائب لأن حاجّا تقيّا كان يعيش في هذه الإنحاء (١). وقد لعب الحج دورا كبيرا جدّا في انتشار الممارسة الدينية والعادات القائمة في سائر مناطق العالم الإسلامي إلى هذه الأراضي. ومن الأمثلة على ذلك ، نشاط شيخ الطريقة النقشبندية زين الله رسولييف (١٨٣٣ ـ ١٩١٧) (٢). ولا ريب في أن الحج كان أيضا قناة بالغة الشأن لإيصال مخطوطات مؤلفات هامة جدّا للشخصيات الإسلامية الكبيرة إلى الأراضي الداخلة في قوام الامبراطورية الروسية ، الأمر الذي كان ييسر فعلا تبادل الأفكار والنظريات في العالم الإسلامي. وكان الحجاج يتمتعون بين مواطنيهم بعمق الإحترام. ومن الأمثلة على ذلك ، وصف لقاء فريق من الحجاج في مدن آسيا الوسطى من وضع أ. فامبيري. اللقاء في غموشتيبه : «انتشر نبأ وصولنا في كل مكان : النساء والأولاد وحتى الكلاب تدفقوا في حيرة غريبة من الخيام لكي يلقوا نظرة إلى الحجاج المقتربين ، وينالوا بلمسهم ، جزءا من الأفضال والمكافآت الناجمة عن
__________________
(١) ف. ف. بارتولد. المؤلفات. موسكو ، ١٩٦٥ ، المجلد ٣ ، ص ٣٣٦.
(٢) ف. ف. بارتولد ـ الشيخ زين الله رسولييف. ١٨٣٣ ـ. ١٩١٧ رثاء. ـ العالم الإسلامي. بتروغراد ، ١٩١٧. النشرةI ,٣٧ ـ ٧٤.