هذه المصادر ، نشبت أوبئة غير شديدة جدّا في سنوات ١٨٨٤ ، ١٨٨٨ ، ١٨٩٠ ، ١٨٩١ ، ١٨٩٢.
وأخيرا وباء الكوليرا الأخير الذي تسبب هو أيضا بكثرة كثيرة من الضحايا وقع سنة ١٨٩٣ (الحج الكبير. يوم الجمعة. ٢٣ حزيران ـ يونيو). ويستفاد من أقوال شهود العيان أن هذا الوباء ، مثله مثل وباء سنة ١٨٦٥ ، قد بدأ بصورة غير ملحوظة عند عرفات ، وتفجر في منى نحو مساء اليوم الأول من إقامة الحجاج هناك ، وانتقل بسرعة إلى مكة وجدة ، ولكن ، بفضل المحاجر الصحية ، لم يتجاوز حدود الحجاز.
في سنة ١٨٩٥ نشب أيضا وباء ما يشبه ، حسب الأوصاف ، حمى التيفوئيد أو الزحار (الدوسنطاريا) ؛ بدأ هذا الوباء في قالة انطلقت من المدينة المنورة إلى مكة ، واستمر بدرجة ضعيفة عند عرفات ، ولكنه لم ينتشر فيما بعد ، وانتهى في منى ، كما يفترضون. ومن هذا الوباء الأخير عانى قرغيزيونا أشد من غيرهم. فمن أصل ٦٠ قرغيزيا جاؤوا في تلك السنة من كوستاناي عاد ١٨ فقط ، كما يقول شاهد عيان.
وغالبا جدّا ما تسنى لي أن أسمع من السكان المحليين أن القرغيز يصابون في الحجاز بالكوليرا حتى حين لا وجود لأي أثر لهذا المرض في هذا البلد ، ويموت منه في منى وعند عرفات عدد كبير منهم. ولذا إذا عاد إلى الوطن عشر الحجاج القرغيز ، ترتب اعتبار هذا ظاهرة طيبة. أغلب الظن أنه يوجد أيضا مرض ما ترافقه آلام في المعدة ويصيب أقل مواظنينا من الرحل تمالكا واحتراسا في الأكل ، السمان وغير المعتادين للمناخ المحلي. وفي السنة الجارية ، الملائمة خارق الملاءمة ، كما يستفاد من أقوال الجميع ، تجاوزت نسبة الذين ماتوا في الحجاز من القرغيز ، بقدر ما استطعت أن احسب ، ١٢ بالمئة ، ومن سائر حجاجنا زهاء ٨ بالمئة ؛ وتميز المرض بالآلام المتواصلة في المعدة المرفقة بدرجة عالية جدّا من الحرارة وبالهذيان.