من طيبة الخاطر ، وحل محلي في الشقدف ، وأخذ يراقبني منه بين الفينة والفينة طالبا أن أمضي بمزيد من الهدوء والبطء ، رغم أني لم أكن أفكر البتة بحث حصان لا أعرفه ...
إن العرب يحبون ويقدّرون أحصنتهم إلى أقصى حد. ولا يمكن أن نجد عند أي شعب آخر مثل هذا التعلق بهذه الحيوانات الضرورية فائق الضرورة لأجل القبيلة ، المترحلة على الأغلب. وهذا التعلق ليس غريبا لا على الحكام ولا على الشعب البسيط ، ولا على النساء ولا على الأولاد. وكثيرون من الشعراء العرب تغنوا بالحصان. وهناك أدلة كثيرة على حب العرب وتعلقهم برفاقهم في الفرح ، في المجد والتعاسة ـ الأحصنة [...] ...
في اليوم الحادي عشر مساء اقتربت قافلتنا من مكة وتوقفت في محلة شهادة ؛ وسرعان ما جاء دليل المسلمين الروس محمد علي سروجي مع أحد معاونيه. والأدلة هم قادة الحجاج في زمن إداء شعائر الحج وفي زمن زيادة الأماكن المقدسة في المدينة وضواحيها. محمد علي سروجي عربي أصيل من مواليد مكة وسكانها الدائمين. آنذاك كان عمره أكثر من ٦٠ سنة. وأنا لا أعرف ما إذا كان لا يزال الآن قيد الحياة. كان سروجي يتكلم بالتركية بطلاقة ، ولكن اللغة الروسية أيضا لم تكن غريبة عليه. فقد تعلم التكلم الروسية في سجن طشقند حين زجوا به فيه بسبب عدم وجود الوثائق اللازمة أثناء تجوبة في ربوع آسيا الوسطى. وفي السجن أمضى سنتين كاملتين إلى أن أنتهت المراسلات الدواوينية بشأنه ؛ وهذا واقع يدل على غلاظة وقساوة الأوضاع البيروقراطية.
والأدلة يعينهم شريف مكة ، وهذا اللقب ينتقل بالوراثة من الأب إلى الأبن [...].
[...] حين وصلنا إلى عرفات ، كان الوادي مغطى كليا بالخيام إذ تجمع هنا حوالي نصف مليون من الحجاج من مختلف القوميات : من