لا وجود في المدينة لطرائف خاصة ، ما عدا قبر حواء الواقع خارج المدينة ، وسط مقبرة كبيرة. لمدفن أم البشر أجمعين نحو ٦٠ أرشينا بالطول ؛ في مقدمة القبر (أي في موضع الرأس في القبر) يوجد ضرب الآخر من صفيحة من المرمر عليها كتابات عربية ؛ وتنتصب نخلة. في الطرف الآخر من القبر تنمو شجيرات ما. فوق وسط المدفن يوجد بناءان تحت سقف واحد ، أحدهما يعتبرونه مسجدا ، وفي الثاني يوجد مدفن يتوافد إليه الحجاج ويلثمونه. قرب المدخل ، يوجد ، في الخارج ، خزان محفور في صخرة كبيرة يشبه الجرن الذي تشرب منه الخيول. وفي الخزان يصبون الماء ويعتبرونه زمزم حواء. وهنا يعيش عدد عديد من الشيوخ ، وعدد أكبر من النساء والأولاد الفقراء ؛ وهؤلاء يجمعون الحسنات من الحجاج الذين يتوافدون لأداء الشعائر الدينية.
مدفن حواء ، كما سبق أن قلنا ، تحيط به مقبرة دفن فيها ، مثلا ، القنصل الروسي الأول في جدّة المستشار الحكومي الفعلي شاهيمردان ميرياسوفيتش إبراهيموف الذي توفي من الكوليرا في العام الأول بالذات من تعيينه (عام ١٨٩٢). وعلى مدفنه حجر عليه كتابة بالروسية والعربية نصبه القنصل الذي خلفه ، السيد ليفيتسكي.
وبما أن المرحوم إبراهيموف كان معروفا جدّا في تركستان وعموما في آسيا الوسط حيث خدم زمنا طويلا ، فاني أرى انه ليس من النافل أن اسوق معلومات جمعتها من بعض الأفراد عن وفاته ، خصوصا وأنها تصح عموما على وضع الحجاج في زمن الأوبئة من حيث عجزهم التام عن تدبير سبيل للاتصال بين جدّة ومكة ، ومن حيث نقص الاهتمام والعناية بهم من جانب العرب المحليين والحكومة التركية.
وبما أن إبراهيموف كان يعيش على مقربة من مكة ، فقد كان ملزما ، بوصفه مسلما ، أن يقوم في السنة الأولى بالذات بالحج إليها ، أي برحلة دينية لأجل السجود للمقدسات الإسلامية. ولسوء حظه نشب في