ذلك العام وباء الكوليرا شديد ، تأجج أواره بخاصة في مكة في «يوم عرفات» ـ أي في ذلك اليوم الذي يمضي فيه الحجاج ، بموجب نظام إداء شعائر الحج ، إلى وادي عرفات الواقع على بعد ٢٠ فرستا من مكة. وخاف المسكين إبراهيموف خوفا شديدا وتوجه رأسا من عرفات إلى مكة بدون توقف. وهنا مرضت زوجة القنصل ، أما الكوليرا وأما من الأرهاق أثناء الحرك السريع من عرفات. ترك إبراهيموف زوجته في مكة ، ومضى إلى جدّة مع فارسين (خادمين) ومع أحد التركستانيين ومعهم مضى أيضا طبيب مصري. وعند الرحيل كانوا جميعا بخير الصحة والعافية ، ومضوا ركوبا مع قافلة. في المقهى الأول بالذات توقفوا للاستراحة. احتسوا القهوة والشاي واكلوا. وتابعوا السير ، وما كادوا يقطعون بضع مئات من الساجينات حتى أصيب إبراهيموف فجأة باختلال في المعدة ، إذ أصابه اسهال دموي قوي. انزله الخادمان عن السرج ووضعوه أرضا. بدأ الطبيب يدلكه وعرض عليه تناول دواء ، ولكن المريض رفض قطعا.
شعر إبراهيموف باقصى الضعف ، فامر بوضعه على تختروان أي على مسند خاص مصنوع من عارضتين ممددتين على بغلين أو على جملين. البون بين العارضتين يجدلونه بحبال مثلما يفعلون في اسرّة السرتيين. وعلى التختروان يمكن الجلوس والتمدد أثناء السير بصورة مريحة نوعا ما. وضعوا المريض وتابعوا السفر. بعد بعض الوقت ، أمر الطبيب أحد الخادمين بمعاينة المريض وجس جسده. قال الخادم أن جسد المريض قد برد. أسرع الطبيب إلى الأمام وقال انه سينتظر في المقهى التالي ولكن لن تقع عليه العين فيما بعد. فقد راح إلى جدّة تاركا المريض المحتضر في يد القضاء والقدر. مات إبراهيموف قبل الوصول إلى محطة حدة. نقلوا جثمانه إلى جدّة ، حيث دفنوه قرب مدفن حواء.
وعن سبب موت إبراهيموف تنتشر شائعة أخرى لن أرويها أنا لأني لا املك أية مستندات.