كل حاج يصل حديثا إلى مكة ملزم قبل كل شيء باداء الطواف أي السير سبع مرات حول الكعبة (بيت الله) وبين الصفا والمرو (١) ؛ وبعد ذاك يخلع ثوب الأحرام. ورغم خارق الأرهاق من السفر على «سفينة الصحراء» ، في موكب لا يشرف كثيرا العرب المشهورين بذكائهم وفطنتهم ، اضطرت إلى الخضوع للقواعد المقدسة لشعيرة الدخول ، واديتها في عتمة الصباح باشراف الدليل محمد علي. دام طوافي طويلا جدّا ، ولذا عدت إلى شقتي نحو الساعة السابعة صباحا. وجاءني حلاق وحلق شعر رأسي ، وبعد ذاك خلعت ثوب الاحرام. كانت زوجتي وأولادي لا يزالون نائمين. وكان سلطانوف وزوجته مشغولين باعداد الدسترخان أي المآكل من شتى الحلويات ، الأمر الذي يعرفه جميع التركستانيين جيدا.
كان الوقت يناهز الثامنة حين أخذ يظهر الواحد تلو الآخر الأدلة المكيون ، وموزعو مياه بئر زمزم المقدسة ، وخدم بيت الله ، والتتر أصحاب التكيات ، (وهي ضرب من خانات) ، والباخريون ، والسرتيون ، والقرغيز ، وسائر الحجاج من آسيا الوسطى. ثم أرسل جميع الأدلة الغداء من بيوتهم. فهناك توجد العادة التالية : كل دليل يرحب بأغنى حجاجه بغداء وفير نسبيّا يرسله إلى الشقة التي يشغلها القادم. بوصفي ممثلا عن الحجاج بين الأدلة حسب القبائل والقوميات. ولكني ، بوصفي ممثلا عن جميع قبائل المسلمين من رعايا روسيا ، تلقيت المآكل من جميع الأدلة الذين وزعوا فيما بينهم حجاجنا. ومقابل هذه المآكل كان
__________________
(*) الطواف. عند أداء شعيرة الدخول إلى مكة ، يجب قبل كل شيء القيام سبع مرات بالسير ، بالطواف ، حول الكعبة المسماة بيت الله ؛ وبعد ذلك يمضي الحاج إلى مكاني الصفا والمروه الواقعين في جوار الكعبة ويقوم بينهما بالسير سبع مرات مرددا طوال الوقت الصلوات المقررة ، بإشراف الدليل ؛ وإذا كان الحاج لا يعرف الصلوات ، فإنه يرددها اثر الدليل.