عندهم بالحرداله ... (١٩) هو الذي يذبح عند قصبه الآدمي ، ويقوم مقام الآدمي في ذلك الفيلة الصغار.
ذكر العود الهندي
وأما العود الهندي فشجره يشبه شجر البلوط إلا أن قشره رقيق وأوراقه كأوراق البلوط سواء ، ولا ثمر له وشجرته لا تعظم كلّ العظم وعروقه طويلة ممتدة وفيها الرائحة العطرة ، وأما عيدان شجرته وورقها فلا عطرية فيها ، وكل ما ببلاد المسلمين من شجره فهو متملّك وأما الذي في بلاد الكفار فأكثره غير متملك ، والمتملك منه ما كان بقاقلة وهو أطيب العود ، وكذلك القماري هو أطيب أنواع العود ويبيعونه لأهل الجاوة بالأثواب ، ومن القماري صنف يطبع عليه كالشمع ، وأما العطاس فإنه يقطع العرق منه ويدفن في التراب أشهرا فتبقى فيه قوته وهو من أعجب أنواعه.
ذكر القرنفل
وأما أشجار القرنفل فهي عادية ضخمة وهي ببلاد الكفار أكثر منها ببلاد الإسلام ، وليست بمتملكة لكثرتها! والمجلوب إلى بلادنا منها هو العيدان ، والذي يسمّيه أهل بلادنا نوّار القرنفل هو الذي يسقط من زهره ، وهو شبيه بزهر النّارنج ، وثمر القرنفل هو جوزبوا المعروفة في بلادنا بجوزة الطيب ، والزهر المتكون فيها هو البسباسة ، رأيت ذلك كله وشاهدته (٢٠).
__________________
(١٩) هنا في معظم النسخ بياض بعد كلمة الحردالة تاتي بعده جملة تبتدىء هكذا : هو الذي يذبح ... وقد حذفت هذه الجملة من بعض النسخ الأخرى ـ الحردالة من أصل هندي HARTAL وتعني الرهج الأصفر.
هذا وقد ورد تعليق علمي كتبه مارسدن (MARSDEN) يصحح المعلومات التي أتى بها ابن بطوطة، ويتخلص التعليق في أن الشجرة التي تنتج الكافور (CAMPHOR) ، تعادل في طولها وعظمها أكبر الاشجار ... بما أن الكافور له طبيعة يابسة ، فإنه لا يخرج من الشجرة على نحو ما يخرج الصمغ ، وان العلماء بخبرتهم الطويلة يعرفون عن إمكانية احتواء الشجرة لمادة الكافور بضربها بعصي ، وفي حالة ما إذا وجدوا أنها تتوفر على المادة ، شقوها قطعا صغيرة بنحو إسفين واستخرجوا الكافور من بين الفجوات والفرج ... هذا وفي طريقي من كوالا لامبور إلى ملاكا ١٥ مارس ١٩٨٨ وقفت عند غابة كثيرة لأشجار الكافور حيث استمتعت بما تحدث به ابن بطوطة عن الكافور في هذه المناطق.
(٢٠) معلومات ابن بطوطة تحتاج إلى مراجعة في نظر بعض المعلقين وهكذا فإن الاعتقاد الشعبي في الهند الشمالية ينسب القرفة ونوار القرنفل وجوز الطيب ـ ونذكر هذا أولا بأول ـ إلى القشرة ، والى الزهرة ، والى الثمر لنفس الشجرة الواحدة ، فالبسباسة إذن ليست هي الزهر ولكنها غشاء الجوزة ـ هذا وهناك قشر لشجرة قريبة من شجرة القرنفل تدعى قرفة لان لها رائحة قريبة من القرنفل تستعمل أيضا كتابل من التوابل ... تذكرني هذه التعقيبات في مقدمة منتقي البيلوني وهي تقول : وبعض ما نقله قد يخالف ما ذكره غيره كما في وصفه بعض ما شاهده من عقاقير الهند فان بعضه مخالف لما ذكره الأطباء في وصفها والظن بالشيخ الصّدق"