المقتولين بني عمه وأقاربه وخواصه فحفر للقان ناووس (٩٧) عظيم ، وهو بيت تحت الأرض ، وفرش بأحسن الفرش ، وجعل فيه القان بسلاحه وجعل معه ما كان في داره من أواني الذهب ، والفضة وجعل معه أربع من الجواري ، وستة من خواص المماليك ، ومعهم أواني شراب ، وبنى باب البيت وجعل فوقه التّراب حتى صار كالتّل العظيم ، ثم جاءوا بأربعة أفراس فأجاروها عند قبره حتى وقفت ونصبوا خشبا على القبر وعلقوها عليه بعد أن دخّلوا في دبر كلّ فرس خشبة حتى خرجت من فمه ، وجعل أقارب القان المذكورين في نواويس ومعهم سلاحهم وأواني دورهم وصلّبوا على قبور كبارهم ، وكانوا عشرة ، ثلاثة من الخيل على كل قبر ، وعلى قبور الباقين فرسا (٩٨) فرسا.
وكان هذا اليوم يوما مشهودا لم يتخلف عنه أحد من الرّجال ولا النساء المسلمين والكفار ، وقد لبسوا أجمعين ثياب العزاء وهي الطيالسة البيض للكفار والثياب البيض للمسلمين ، وأقام خواتين القان وخواصه في الأخبية على قبره أربعين يوما ، وبعضهم يزيد على ذلك إلى سنة ، وصنعت هنالك سوق يباع فيها ما يحتاجون اليه من طعام وسواه.
وهذه الأفعال لا أذكر أمة تفعلها سواهم في هذا العصر فأما الكفار من الهنود وأهل الصين فيحرقون موتاهم ، وسواهم من الأمم يدفنون الميت ولا يجعلون معه احدا ، لكن أخبرني الثقات ببلاد السودان أن الكفار منهم اذا مات ملكهم صنعوا له ناووسا ، وأدخلوا معه بعض خواصه وخدامه وثلاثين من أبناء كبارهم وبناتهم بعد أن يكسروا أيديهم وأرجلهم ويجعلون معهم أواني الشراب.
وأخبرني بعض كبار مسوّفة ممن يسكن بلاد كوبر مع (٩٩) مع السودان واختصه سلطانهم، انه كان له ولد ، فلما مات سلطانهم أرادوا أن يدخلوا ولده مع من أدخلوه من أولادهم قال : فقلت لهم كيف تفعلون ذلك وليس على دينكم ولا من ولدكم وفديته منه بمال عريض! ولما قتل القان كما ذكرناه واستولى ابن عمه فيروز على الملك اختار أن تكون حضرته مدينة قراقرم ، وضبطها بفتح القاف الأولى والراء وضم الثانية وضم الراء الثانية ،
__________________
(٩٧) الناووس كلمة اغريقية يستعملها العرب كذلك للتعبير عن المقابر الخفية.
(٩٨) من الممكن أن تكون هذه الحكاية تتعلق بجنازة احد الوثنيين المغول ..
(٩٩) سياتي الحديث مفضلا عن مسوفة الملثمين IV ـ ٣٧٨ ـ ٣٨٧ ـ ٤٣٠ وحول كوبر كذلك ترقب ما يأتي IV ٤٤١.