يقال له : قشحب ، والملك الناصر إذ ذاك حديث السن لم يعهد الوقائع ، وكان الشيخ العريان في صحبته فنزل ، وأخذ قيدا فقيد به فرس الملك الناصر لئيلا يتزحزح عند اللقاء لحداثة سنة ، فيكون ذلك سبب هزيمة المسلمين ، فثبت الملك الناصر وهزم التتر هزيمة شنعاء قتل منهم فيها كثير وغرق كثير بما أرسل عليهم من المياه ، ولم يعد التتر إلى قصد بلاد الاسلام بعدها (٢٥) ، وأخبرني الشيخ محمد العريان المذكور تلميذ هذا الشيخ أنه حضر هذه الوقيعة وهو حديث السن.
ورحلنا من برج بوره ونزلنا على الماء المعروف باب سياه (٢٦) ، ثم رحلنا إلى مدينة قنوج(٢٧) ، وضبط اسمها بكسر القاف وفتح النون وواو ساكن وجيم ، مدينة كبيرة حسنة العمارة حصينة رخيصة الأسعار كثيرة السكّر ، ومنها يحمل إلى دهلي ، وعليها سور عظيم ، وقد تقدم ذكرها ، وكان بها الشيخ معين الدين الباخرزي أضافنا بها ، وأميرها فيروز البدخشاني من ذرية بهرام جور (٢٨) صاحب كسرى ، ويسكن بها جماعة من الصلحاء الفضلاء المعروفين بمكارم الأخلاق يعرفون بأولاد شرف جهان ، وكان جدهم قاضي القضاة بدولة أباد وهو من المحسنين المتصدقين وانتهت الرئاسة ببلاد الهند إليه.
حكاية قاضي القضاة
يذكر أنه عزل مرة عن القضاء وكان له أعداء فادعى أحدهم عند القاضي الذي ولي بعده ، أنّ له عشرة آلاف دينار قبله ولم تكن له بيّنة وكان قصده أن يحلّفه فبعث القاضي عنه ، فقال لرسوله : بما ادعى عليّ؟ فقال : بعشرة آلاف دينار ، فبعث إلى مجلس القاضي عشرة آلاف ، وسلّمت للمدّعي.
__________________
(٢٥) يتعلق الأمر بمعركة مرج الصّفّار التي وقعت يوم ثاني رمضان ٧٠٢ ـ ٢١ ابريل ١٣٠٣ لقد كان قازان المغولي إيلخان فارس اجتحاح سوريا واحتل لفترة مدينة دمشق ، وقد دافع السلطان المملوكي الناصر ملك مصر عن البلاد وهزم المغول الذين كان يقودهم قطلو شاه والأمير جوبان وليس الإيلخان ـ ويبدو أن قشحب تحريف لكلمة كشاف حيث التحق قطلو بايلخان. ولا ننسى أنه بمناسبة هذا النصر بعث سلطان مصر لسلطان المغرب ببعض الهدايا التي غنمها في معركته ضد التتر : ٢٠ اكديشا ٢٠ اسيرا ـ تشكيلة من طبولهم واسلحتهم علاوة على الفيل والزرافة ...
وقد قدم لنا المقريزي وصفا مفصلا لتلك المعركة ولكن من غير أن يشير لما حكاه ابن بطوطة هنا الأمر بدائع الزهور ١٩٨٢ ج ١ ، ٤١٣ ... دائرة المعارف الإسلامية ، مادةMARDJ AL SSUFAR
(٢٦) آب سياه يعني" النهر الأسود" كاليندي (Kalindi) : احد روافد الكانج.
(٢٧) قنوج (Kanauj) تقع على الساحل الأيمن للكانج في إقليم (Fatehgarh)
(٢٨) يخلط ابن بطوطة بين بهرام جور الملك الساساني لفارس في القرن الخامس وبين الجنرال بهرام جوبان الذي ثار على كسرى برويز ـ Beckingham : The travels IV P. ٧٨٤