الدين المسلاتي (٤١) وكان من أصحاب الشيخ علاء الدين القونوي ، وقدم معه دمشق فعرف بها ، ثم ولي القضاء ، وقاضي قضاة الشافعية تقي الدين ابن السّبكي وأمير دمشق ملك الأمراء أرغون شاه (٤٢).
حكاية [قتلى الخبز]
ومات في تلك الأيام بعض كبراء دمشق وأوصى بمال للمساكين ، فكان المتولى لإنفاذ الوصية يشتري الخبز ويفرقه عليهم كلّ يوم بعد العصر ، فاجتمعوا في بعض الليالي وتزاحموا واختطفوا الخبز الذي يفرق عليهم ومدّوا أيديهم إلى خبز الخبازين ، وبلغ ذلك الامير أرغون شاه فأخرج زبانيّته فكانوا حيث ما لقوا أحدا من المساكين قالوا له : تعال تاخذ الخبز! فاجتمع منهم عدد كثير فحسبهم تلك اللية ، وركب من الغد ، وأحضرهم تحت القلعة ، وأمر بقطع أيديهم وأرجلهم ، وكان أكثرهم برّاء من ذلك ، وأخرج طائفة الحرافيش (٤٣) عن دمشق فانتقلوا إلى حمص وحماة وحلب ، وذكر لي أنه لم يعش بعد ذلك إلا قليلا وقتل.
ثم سافرت من دمشق إلى حمص ثم حماة ثم المعرّة ثم سرمين ثم إلى حلب (٤٤) وكان أمير حلب في هذا العهد الحاج رغطى (٤٥) ، بضم الراء وسكون الغين المعجم وفتح الطاء المهمل وياء آخر الحروف مسكنة.
__________________
(٤١) هو محمد بن عبد الرحيم بن علي بن عبد الملك ... السّلمي المسلاتي الملقب بجمال الدين المالكي ... سمع بالاسكندرية وبمصر والشام وولى نيابة الحكم بدمشق ثم ولى استقلالا قضاء دمشق أكثر من عشرين سنة ... كان حسن الشكل والبزة ظريفا ... كان يتكلم في الأدبيات ويظهر العجائب في مقاماته الحجازيات والحلبيات ... أدركه أجله بمصر في ثالث عشر ذي القعدة ٧٧١ بالقاهرة وهو والد القاضي سرّي الدين الذي تحول شافعيا. حول القونوي انظرI ، ٢١٤.
ـ الدرر ٤ ، ص ١٢٩. تحقيق محمد سيد جاد الحق ١٩٦٧.
(٤٢) أرغون شاه أو ارغون الصغير الكاملي نائب حلب ، كان أحد مماليك الصالح اسماعيل رباه وهو صغير السن ، كان جميلا جدّا ، فلما ولى الكامل حظى عنده وقدمه وأمّره مائة (قائد المائة) ... ولكنه لم يلبث وقد شعر بالتآمر ضده أن فر إلى مصر حيث تلقاه أهلها بالشموع ... وانتهى أمره إلى الامتحان فأقام بالقدس بطّالا، ومات به في شوال ٧٥٨ ـ ١٣٥٧ ، وقد التبس على الناشرين الفرنسيين (في الفهرس) بارغون شاه الدوادار الذي توفي بحلب ربيع الأول سنة ٧٣١ ـ ١٣٣٠ فظناه واحدا ... الدّرر الكامنة ج I ص ٣٧٥ ـ ٣٧٤ بيكينگام ج.IV ، ٩١٧ تعليق ٤١.
(٤٣) الحرافيش ج حرفوش يراجع II ، ٨٦ التعليق ١٢٥.
(٤٤) حول الزيارة لهذه الأماكن راجع الجزءI ص ١٤٠ ـ ١٦٢.
(٤٥) يسميه يوسف ابن تغري بردي الحاج سيف الدّين اورقطاي بن عبد الله القفجق. وان النطق الصحيح للاسم هو كما يبدو أوروغطاي. كان حاكما ـ على التوالي ـ لصفد وطرابلس وحلب ثم نائب السلطنة بمصر ثم مرة ثانية حاكما لحلب ، ادركه أجله سنة ٧٥٧ ـ ١٣٥٧ في طريقه إلى دمشق حيث نقل إلى هناك ... حول ترجمته انظر (المنهل الصافي) ج II ص ٣٢٨ تعليق ٣٧٨.