ولما وصلت تونس قصدت الحاج أبا الحسن الناميسى (٨٠) لما بيني وبينه من مواتّ القرابة والبلدية ، فأنزلني بداره وتوجه معي إلى المشور فدخلت المشور الكريم وقبّلت يد مولانا أبي الحسن رضياللهعنه ، وأمرني بالقعود فقعدت ، وسألني عن الحجاز الشريف وسلطان مصر فأجبته وسألني عن ابن تيفراجين (٨١) فأخبرته بما فعلت المغاربة معه ، وإرادتهم قتله بالاسكندرية وما لقى من إذايتهم انتصارا منهم مولانا أبي الحسن رضياللهعنه.
وكان في مجلسه من الفقهاء الإمام أبو عبد الله السّطي (٨٢) ، والامام ابو عبد الله محمد ابن الصبّاغ (٨٣) ومن أهل تونس قاضيها أبو علي عمر بن عبد الرفيع (٨٤) وأبو عبد
__________________
(٨٠) الحاج أبو الحسن على بن الفقيه الصالح أبي زيد الناميسى كان من المكرمين عند أبي الحسن المريني ، وهو من أسرة صنهاجية ظهر منها أعلام في العهدين : الموحدي والمريني ، ومنهم أبو محمد عبد الله الناميسي الذي ولى قضاء شريش ، وغرب من بلده طنجة إلى تونس سنة ٦٤١ ه ثم سرح سنة ٦٤٧ ه. انظر التكملة لابن الآبار : ٥٢٥ ـ وجذوة الاقتباس ٤٣٠ طبعة دار المنصور الرباط ـ والمسند الصحيح الحسن ٢٩٥.
(٨١) يعتبر ابن تيفراجين قطّب الدائرة في الأحداث التي شاهدناها بالمنطقة ، وهو من شيوخ الموحدين ، حاجب لأبي يحيى أبي بكر ، وهو الّذي حثّ في عهد خلف هذا الاخير ، ابي العباس أحمد ١٣٤٦ ـ ١٣٤٧ ـ ٧٤٧ ه حث السلطان المريني أبا الحسن على استرجاع افريقية وأصبح وزيرا له وهو الذي سعا لخطبة الأميرة الحفصية لأبي الحسن وبعد نكسة القيروان غيّر الموقف! وأصبح مكلفا من لدن الجانب الحفصي بحصار تونس ، ولما فشل في مهمته ، فرّ إلى الاسكندرية ، ولكنه عاد عام ١٣٥٠ ـ ٧٥١ ليقوم بعزل الفضل السلطان الجديد للحفصيين ويعوضه بأحد اخوة هذا الاخير أبي اسحاق ، وقد توفي عام ٧٦٦ ـ ١٣٦٤ ـ ١٣٦٥.
(٨٢) محمد بن سليمان السطي (نيل الابتهاج لأحمد بابا طبعة فاس ٢٤٢) اختاره السلطان أبو الحسن لصحبته لتونس، وعند العودة غرق عام ٧٥٠ في الحادثة الشهيرة مع ابن الصباغ والزواوي مقرئ السلطان (نيل الابتهاج ٤٥ ـ ١٤٦ وليس صحيحا أن عدد الغرقى من العلماء ٤٠٠ وعدد المراكب الضائعة ٦٠٠! كما قاله المقرى في الباب الخامس من القسم الثاني من النّفح ، وتبعه بعضهم ، منهم أنا في تاريخ القرويين ج.II ص ٤٩٠ فقد عثرت على مراسلات دبلوماسية بين السلطان أبي الحسن وبين الملك بيدرو الرابع ملك أراغون من جهة وبين سلطان غرناطة من جهة أخرى تتحدث عن ضياع خمسة مراكب. الريحانة ج. ٠٣٥ ـ ١٢٤I وثائق أراغون رقم ٩٩. ذ. التازي : تجربتي في تحقيق الوثائق الدبلوماسية المتعلّقة بالمغرب والأندلس ، ندوة تحقيق التراث المغربي الأندلسي ـ كلية الآداب وجدة ـ ll ٩ نونبر ١٩٩٥ ـ أحمد عزّاوي : الغرب الإسلامي من خلال رسائله ـ اطروحة كلية الآداب الرباط السنة الجامعية ١٩٩٥ ـ ١٩٩٦.
(٨٣) هو محمد بن الصباغ الخزرجي الاندلسي ... اختاره السلطان فاستدعاه ولم يزل معه حتى هلك غريقا في حادثة الاسطول سالفة الذكر (نيل الابتهاج : ص ٢٢٣).
(٨٤) يقال إن ابن عبد الرفيع رمى بنفسه على ابن تاسكرت ـ وكان مكينا في الدولة المرينية ـ وقال له : إن توسطت لي في خطة القضاء فاني أوليك عدلا بتونس ، فلم يزل الآخر يتمثل إلى أن وقع الشرط ومشروطه ، وقد توفي ابن عبد الرفيع سنة ٧٦٦ ـ الزركشي : تاريخ الدولتين تحقيق محمد ماضور ـ المكتبة العتيقة تونس ١٩٦٦ ص ٨٨ ـ ١٠٢ الأبي : الاكمال ، اطروحة عبد الرحمن عون ص ٤٩. تونس