الله بن هارون (٨٥) ، وانصرفت عن المجلس الكريم ، فلما كان بعد العصر استدعاني مولانا أبو الحسن وهو ببرج يشرف على موضع القتال ومعه الشيوخ الجلة أبو عمر عثمان بن عبد الواحد التّنالفتي (٨٦) وأبو حسون زيان بن امديون العلوي (٨٧) ، وأبو زكرياء يحيى بن سليمان العسكري(٨٨) والحاج أبو الحسن الناميسي ، فسألني عن ملك الهند؟ فأجبته عما سأل ، ولم أزل اتردد إلى مجلسه الكريم أيام إقامتي بتونس وكانت ستة وثلاثين يوما.
ولقيت بتونس إذا ذاك الشيخ الامام خاتمة العلماء أبا عبد الله الآبلي (٨٩) وكان في فراش المرض وباحثني عن كثير من أمور رحلتي.
__________________
(٨٥) كان محمد ابن هرون الكناني من رجال الفتوى في عهد السلطان أبي الحسن بتونس ... وهكذا فبعد وفاة قاضي الجماعة محمد بن عبد السلام بن يوسف الهواري ذكر لقضاء الجماعة الشيخ الفقيه المفتي أبو عبد الله محمد بن محمد بن هارون الكناني ... وحين لقب ابن هارون بالفتيا بقى مفتيا إلى أن مات بالوباء في عام خمسين وسبعمائة هو وزوجه في يوم واحد! فحفر لهما قبران متدانيان وحضر لدفنهما السلطان أبو الحسن المريني. الزركشي : تاريخ الدولتين ص ٨٨ نيل الابتهاج ص ٢٤٠ ـ ٢٤١
(٨٦) كان التنالفي نسبة إلى تنالفت ، من جلساء السلطان أبي الحسن وخواصه ووزرائه ... وقد ورد ذكره في المسند لابن مرزوق الذي كناه أبا سعيد ، ذكره في الباب ٣٥ ص ١٧٤ ـ ٣٦٩ من المسند تصحيح د. فيگيرا.
(٨٧) زيان بن آمديون ، هذا صهر للسلطان أبي الحسن وزوج أخته ، كان من أقرب المقربين اليه ، وكان يبعثه لتفقد المتشكين والمتظلمين في الأقطار البعيدة انظر الحديث عنه في المسند لابن مرزوق وخاصة في الباب الخامس والثلاثين في جلسائه ... هذا ويقرأ الناشران الاثنان d.s. أمريون بالراء عوض الدّال الذي يوجد في باقي المخطوطات. بما فيها مخطوطات المسند لابن مرزوق ص ١٧٤ ـ ٢٥٤ ـ ٣٥٤.
(٨٨) ابن سليمان هذا كان مكلفا بالدفاع عن تونس ضد ابن تيفراجين عندما كان أبو الحسن نفسه محاصرا.
(٨٩) يلاحظ أن الناشرين الفرنسيين الأولين قرا : الأبلي بضم الهمزة والباء (أبلة العراق) عوض ابلة (AVILLA) بالأندلس ومن ثمت تبعهما سائر الناشرين بمن فيهم العرب ...! ويعتبر الآبلي هذا من كبار الشخصيات المغربية والاسلامية وقد ترجم له أكثر من تاليف ، وهو محمد بن ابراهيم بن احمد العبدري التلمساني المعروف بالآبلي ... انتقل أبوه وعمه من الاندلس فخدما يغمراسن صاحب تلمسان ... ونشأ محمد بن ابراهيم بتلمسان ومال إلى محبة (التعاليم) يعني الرياضيات ... ولما أخذ يوسف بن يعقوب تلمسان استخدمه ولما عادت تلمسان لأبي حمو أراد أن يكرهه على الوظيف ففر إلى فاس واختفى هناك عند خلوف اليهودي شيخ التعاليم فتبحّر فيها ... ثم دخل مراكش (٧١٠ ه) فنزل على ابن البنّاء شيخ المعقول والمنقول ... وقد ضمه السلطان أبو الحسن لمجلسه العلمي ... ويذكر ابن خلدون انه لازمه وأخذ عنه إلى أن توفى بفاس عام ٧٥٧ وكان من غريب ما حكاه ابن خلدون عنه في المقدمة : أنه أي الآبلي حضر عند قاضي فاس أيام السلطان أبي سعيد وهو الفقيه أبو الحسن المليلى وقد عرض عليه أن يختار من بين المداخيل المخزنية لجرايته. فأجاب : من مكس الخمر!! فاستضحك الحاضرين من أصحابه وعجبوا وسألوه عن حكمة ذلك فقال : إذا كانت الجبايات كلّها حراما فإني اختار منها ما لا تتابعه نفس معطيه! والخمر قل أن يبذل فيها احد ماله الا وهو طروب مسرور!! خصص له صاحب الابتهاج ترجمة حافلة فلتراجع ص ٢٤٤ ـ ٢٤٥.