الزردخانة (٧٢) وغيرها ، وعلى رأسه عمامة ذات حواشي ، لهم في تعميمها صنعة بديعة وهو متقلد سيفا ، غمده من الذهب ، وفي رجليه الخف والمهاميز ، ولا يلبس أحد ذلك اليوم خفّا غيره ، ويكون في يده رمحان صغيران : أحدهما من ذهب والآخر من فضة ، وأسنتهما من الحديد.
ويجلس الأجناد والولاة والفتيان ، ومسوّفة وغيرهم خارج المشور في شارع هنالك متسع فيه أشجار ، وكلّ فراري بين يديه أصحابه بالرماح والقسي والأطبال والأبواق ، وبوقاتهم من أنياب الفيلة وآلات الطرب المنوّعة من القصب والقرع ، وتضرب بالسطّاعة ، ولها صوت عجيب (٧٣) ، وكل فراري له كنانة قد علقها بين كتفيه ، وقوسه بيده وهو راكب فرسا وأصحابه بين مشاة وركبان ، ويكون بداخل المشور تحت الطيقان رجل واقف. فمن أراد أن يكلم السلطان كلّم دوغا ، ويكلم دوغا لذلك الواقف ، ويكلم الواقف السلطان.
ذكر جلوسه بالمشور
ويجلس أيضا بالمشور ، وهنالك مصطبة تحت شجرة لها ثلاث درجات يسمونها البنبي(٧٤)، بفتح الباء المعقودة الأولى وكسر الثانية وسكون النون بينهما وتفرش بالحرير وتجعل المخادّ عليها ، ويرفع الشطر وهو شبه قبّة من الحرير وعليه طائر من ذهب على قدر الباز ، ويخرج السلطان من باب في ركن القصر وقوسه بيده وكنانته بين كتفيه ، وعلى رأسه شاشية ذهب مشدودة بعصابة ذهب لها أطراف مثل السكاكين رقاق ، طولها أزيد من شبر. وأكثر لباسه جبّة حمراء موبرة من الثّياب الرومية (٧٥) التي تسمى المطنفس ويخرج بين يديه المغنون بأيديهم قنابر (٧٦) الذهب والفضة ، وخلفه نحو ثلاثمائة من العبيد أصحاب السلاح ، ويمشي مشيا رويدا ، ويكثر التأني ، وربما وقف ، فإذا وصل إلى البنبي وقف ينظر في الناس ، ثم يصعد برفق كما يصعد الخطيب المنبر ، وعند جلوسه تضرب الطبول والأبواق والأنفار ويخرج ثلاثة من العبيد مسرعين فيدعون النائب والفرارية فيدخلون ويجلسون ، ويوتي بالفرسين والكبشين معهما ويقف دوغا على الباب وسائر الناس في الشارع تحت الاشجار.
__________________
(٧٢) ثوب مطرز بالحرير الرقيق ، لا يخلو من رسوم حيوانات كان يصنع في الاسكندرية ، العبارة من أصل فارسي ، وقد كان لفظ الزردخان مستعملا بالمغرب إلى سنين خلت ـ انظرii ، ٢٦٤.
(٧٣) القصد إلى آلة موسيقية مؤلفة من قضبان يعزف عليها بمطرقتين خشبيتين (XYLOPHONES \'\'BALAS) على نحو الآلة التي يسميها أهل بغداد بالسنطور ، وهي تقارب ـ ولو عن بعد ـ في تركيبها الآلة التي تسمى اليوم بالقانون ...
(٧٤) البنبي بلغة الماندينك BEMBE عبارة عن منصة مبنية يوضع عليها الكرسي الملكي ويصف العمري البنبي بأنه كرسي من عاج.
(٧٥) المطنفس : من المهم أن تستوقفنا هذه الفقرة التي تشير للعلاقات الافريقية مع أوروبا عبر فاس وتلمسان ومراكش ، وقد كانت سجلماسة بمثابة (الملتقي) الحيوي للاتجاه نحو بلاد السودان ، أما عن الثوب الذي يحمل اسم المطنفس ، فإن المعلقين لم يستطيعوا تحديده ...
(٧٦) القنابر ج. قنبري (وتنطق القاف في المغرب گافا معقودة) نوع من المانضولينه لكن له فقط وتران ، جوفه يتكون من ظهر سلحفاة أو نصف كرة من العود المغلف بالجلد ... وما تزال هذه الآلة حية على صعيد الفولكلور المغربي إلى اليوم ـ MAUNY : Textes etdocuments ,P.٥٥ n ٠ ٤