وفي بلاد المليبار اثنا عشر سلطانا من الكفار (٩١) ، منهم القوي الذي يبلغ عسكره خمسين ألفا ، ومنهم الضعيف الذي عسكره ثلاثة آلاف ، ولا فتنة بينهم البتّة ، ولا يطمع القوي منهم في انتزاع ما بيد الضعيف ، وبين بلاد أحدهم وصاحبه باب خشب منقوش فيه اسم الذي هو مبدأ عمالته ، ويسمونه : باب أمان فلان ، وإذا فرّ مسلم أو كافر بسبب جناية من بلاد أحدهم ووصل باب أمان الآخر أمن على نفسه ، ولم يستطع الذي هرب عنه أخذه وإن كان القوي صاحب العدد والجيوش. وسلاطين تلك البلاد يورثون ابن الأخت ملكهم (٩٢) دون أولادهم ، ولم أر من يفعل ذلك إلا مسوّفة أهل اللثام وسنذكرهم فيما بعد(٩٣) ، فإذا أراد السلطان من أهل بلاد المليبار منع الناس من البيع والشراء أمر بعض غلمانه فعلق على الحوانيت بعض أغصان الأشجار بأوراقها فلا يبيع أحد ولا يشتري ما دامت عليها تلك الأغصان.
ذكر الفلفل
وشجرات الفلفل (٩٤) شبيهة بدوالي العنب ، وهم يغرسونها إزاء النارجيل فتصعد فيها كصعود الدوالي إلا أنها ليس لها عسلوح وهو الغزل كما للدوالي ، وأوراق شجره تشبه
__________________
(٩١) في الحقيقة نجد المؤرخين في بلاد المعبر والمليبار التي تقع جنوب جبل دلّى (Delly) استطاعوا أن يعدو ـ في القرن الثامن عشر ـ أكثر من ثمانية عشر سلطانا ، الأربعة الأساسيون الذي كانوا في عهد ابن بطوطة واستمروا فيما بعد : آل كولاتّيري :(Kolattiri) أصحاب كانّانور (Cannanor) شمال قاليقوط ، والسّامريون Zamorin أصحاب قاليقوط وآل راجا أصحاب كوشان (Cochin) جنوب قاليقوط ، وأصحاب كولم التي يسمونها (Quilon) جنوب كوشان ، وبين هؤلاء وأولئك وفي أخريات البلاد تلتئم سلسلة لإمارات صغيرة أدّى التنافس فيما بينها للتدخل البرتغالي ٩٠٠ ـ ١٤٩٥! أحمد زين الدّين المعبري المليباري : تحفة المجاهدين في أحوال البرتغاليين تحقيق محمد سعيد الطريحي مؤسسة الوفاء بيروت ١٤٠٥ ـ ١٩٨٥.
(٩٢) التنظيم الاجتماعي يأخذ بعين الاعتبار الانتساب للام وحده وقد تردد ذكر مثل هذا عند حديث المؤرخين عن بعض قبائل إفريقيا أنظر مادة (عادة) في دائرة المعارف الاسلامية ـ وأنظر التاريخ الدبلوماسي للمغرب ج ٥ ، ص ١٧.
(٩٣) مسّوفة قبيلة من البربر كانت تتمركز في غرب الصحراء يتميزون بنظامهم الاجتماعي المبنيّ على أنّ مرجعية النسب إلى الأم وليس إلى الأب على ما يذكر ، يراجع (IV ، ٣٨٨) ، هذا وعوض اللثام الذي هو الصواب نجد في بعض النسخ : الشام!
(٩٤) الفلفل :(Poivre) هو بالذات الذي يخصّ في المغرب باسم الأبزار ، ولا يعرف في بلادنا باسم الفلفل، انما الفلفل هو النبات المعروف ، وينعت الفلفل في بعض بلاد المشرق بالفلفل الأسود تمييزا له عن الفلفل : النبات، ومعلوم أن بلاد الابزار هي المليبار ...!
هذا وكلّ النسخ تذكر عسلون بالنون وهو تحريف لكلمة عسلوج بالجيم التي تعني نفس ما تعنيه الكلمة العربية : الغزل (ج. غزول)(Vrille) وهي العروق اللينة التي تنطلق من الدالية أو اللّواية أو العليق لتشتبك بنحو الشجرة والجدار وتكون بمثابة خيوط (تغزل) الدالية بما جاورها ، والكلمة من دقائق اللغة العربية المستعملة من لدن ابن بطوطة ... انظر لسان العرب مادة عسلج ـ دوزي مادة غزل.