رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( المائدة : ٩٠ ).
وأمّا الأنبياء عليهمالسلام فقد جهزهم سبحانه بكلّ ما يمكّنهم من تربية الناس تربية صالحة من برامج وتعاليم في هذا المجال.
والجدير بالذكر أنّ الإسلام اتّخذ طريقين حيويين ليجعل تعاليمه أكثر نفوذاً في النفوس وأكثر توفيقاً ونجاحاً في مجال التربية والتزكية وهما :
أوّلاً : إنّه بيّن للناس فلسفة الأحكام والتعاليم وعللها النفسيّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة والصحّية ... ولم يكتف بتقديم النصائح الجافّة ، وذلك ليقف الناس بأنفسهم على المفاسد التي تكمن في المناهي وأضرار المعاصي وإلى هذا يشير ما قاله الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام : « إن قال قائل : لم أمر الله تعالى العباد ونهاهم ، قيل : لأنّه لا يكون بقاؤهم وصلاحهم إلاّ بالأمر والنّهي والمنع من الفساد والتغاصب » (١).
وكنموذج من هذه العلل نذكر ما قاله الإمام الصادق عليهالسلام : « حرّم الله الخمر لفعلها وفسادها لأنّ مدمن الخمر تورّثه الإرتعاش وتذهب بنوره ، وتهدم مروّته وتحمله أن يجسر على ارتكاب المحارم وسفك الدّماء ، وركوب الزّنا ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك ولا يزيد شاربها إلاّ كلّ شرّ » (٢).
ولذلك علّل القرآن الكريم تحريمه للخمر والميسر بقوله سبحانه : ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) ( المائدة : ٩١ ).
وقد ألّف علماء الإماميّة رحمهمالله كتباً متعدّدة نظّموا فيها ما روي عن النبّي وأئمّة أهل البيت ـ عليهم الصلاة والسلام ـ حول فلسفة الأحكام وعللها ونخصّ بالذكر كتاب
__________________
(١) عيون أخبار الرضا : ١٠١.
(٢) وسائل الشيعة ١٧ : كتاب الأطعمة والأشربة : ٢٤٤.