ما هو الأقوى من جهاته وجهات التجرّي (١). انتهى كلامه ، رفع مقامه.
المناقشة في تفصيل صاحب الفصول : |
أقول : يرد عليه :
أوّلا : منع ما ذكره من عدم كون قبح التجرّي ذاتيّا ؛ لأنّ التجرّي على المولى قبيح ذاتا ـ سواء كان لنفس الفعل أو لكشفه عن كونه جريئا (٢) ـ كالظلم ، بل هو قسم من الظلم ، فيمتنع عروض الصفة المحسّنة له ، وفي مقابله الانقياد لله سبحانه وتعالى ، فإنّه يمتنع أن يعرض له جهة مقبّحة.
وثانيا (٣) : لو سلّم أنّه لا امتناع في أن يعرض له جهة محسّنة ، لكنّه باق على قبحه ما لم يعرض له تلك الجهة ، وليس ممّا لا يعرض له في نفسه حسن ولا قبح إلاّ بعد ملاحظة (٤) ما يتحقّق في ضمنه.
وبعبارة اخرى : لو سلّمنا عدم كونه علّة تامّة للقبح كالظلم ، فلا شكّ في كونه مقتضيا له كالكذب ، وليس من قبيل الأفعال التي لا يدرك العقل بملاحظتها في أنفسها حسنها ولا قبحها ، وحينئذ فيتوقّف ارتفاع قبحه على انضمام جهة يتدارك بها قبحه ، كالكذب المتضمّن لإنجاء نبيّ.
ومن المعلوم أنّ ترك قتل المؤمن بوصف أنّه مؤمن في المثال الذي ذكره ـ كفعله ـ ليس من الامور التي تتّصف بحسن أو قبح ؛ للجهل
__________________
(١) الفصول : ٤٣١ ـ ٤٣٢.
(٢) لم ترد عبارة «سواء ـ إلى ـ جريئا» في (ظ) ، (ل) و (م).
(٣) في (ر) و (ص) زيادة : «أنّه».
(٤) كذا في (ت) ، (م) و (ه) ، وفي غيرها : «بملاحظة».