قد جعل لنا إلى تلك الأحكام طرقا مخصوصة ، وكلّفنا تكليفا فعليّا بالرجوع إليها في معرفتها.
ومرجع هذين القطعين عند التحقيق إلى أمر واحد ، وهو القطع بأنّا مكلّفون تكليفا فعليّا بالعمل بمؤدّى طرق مخصوصة ، وحيث إنّه لا سبيل غالبا إلى تعيينها بالقطع ولا بطريق يقطع عن السمع بقيامه بالخصوص أو قيام طريقه كذلك مقام القطع ولو بعد تعذّره ، فلا ريب أنّ الوظيفة في مثل ذلك بحكم العقل إنّما هو الرجوع في تعيين تلك الطرق (١) إلى الظنّ الفعليّ الذي لا دليل على عدم حجّيّته ؛ لأنّه أقرب إلى العلم وإلى إصابة الواقع ممّا عداه» (٢).
المناقشة فيما أفاده صاحب الفصول |
وفيه : أوّلا : إمكان منع نصب الشارع طرقا خاصّة للأحكام الواقعيّة (٣) ؛ كيف؟ وإلاّ لكان وضوح تلك الطرق كالشمس في رابعة النهار ؛ لتوفّر الدواعي بين المسلمين على ضبطها ؛ لاحتياج كلّ مكلّف إلى معرفتها أكثر من حاجته إلى مسألة صلواته الخمس.
واحتمال اختفائها مع ذلك ؛ لعروض دواعي الاختفاء ـ إذ ليس الحاجة إلى معرفة الطريق أكثر من الحاجة إلى معرفة المرجع بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ مدفوع ؛ بالفرق بينهما ، كما لا يخفى.
وكيف كان : فيكفي في ردّ الاستدلال ، احتمال عدم نصب الطريق الخاصّ للأحكام وإرجاع امتثالها إلى ما يحكم به العقلاء وجرى عليه
__________________
(١) في (ل) ، (ظ) و (م) بدل «تلك الطرق» : «ذلك».
(٢) الفصول : ٢٧٧.
(٣) في (ر) وهامش (ص) زيادة : «وافية بها».