المجعول ، في مقابل سلوك الطريق العقليّ الغير المجعول وهو العلم بالواقع الذي هو سبب تامّ لبراءة الذمّة ، فيكون هو أيضا كذلك ، فيكون الظنّ بالسلوك ظنّا بالبراءة ، بخلاف الظنّ بالواقع ؛ لأنّ نفس أداء الواقع ليس سببا تامّا للبراءة حتّى يحصل من الظنّ به الظنّ بالبراءة ، فقد قاس الطريق الشرعيّ بالطريق العقليّ.
وأنت خبير : بأنّ الطريق الشرعيّ لا يتّصف بالطريقيّة فعلا إلاّ بعد العلم به تفصيلا ؛ وإلاّ فسلوكه ـ أعني مجرّد تطبيق الأعمال عليه ـ مع قطع النظر عن حكم الشارع ، لغو صرف ؛ ولذلك أطلنا الكلام في أنّ سلوك الطريق المجعول في مقابل العمل بالواقع ، لا في مقابل العلم بالعمل (١) بالواقع ، ويلزم من ذلك كون كلّ من العلم والظنّ المتعلّق بأحدهما في مقابل المتعلّق بالآخر ؛ فدعوى : أنّ الظنّ بسلوك الطريق يستلزم الظنّ بالفراغ ، بخلاف الظنّ بإتيان الواقع ، فاسدة.
هذا كلّه ، مع ما علمت سابقا في ردّ الوجه الأوّل : من إمكان منع جعل الشارع طريقا إلى الأحكام ، وإنّما اقتصر على الطرق المنجعلة عند العقلاء وهو العلم ، ثمّ على الظنّ الاطمئنانيّ.
ثمّ إنّك حيث عرفت أنّ مآل هذا القول إلى أخذ نتيجة دليل الانسداد بالنسبة إلى المسائل الاصوليّة وهي حجّيّة الأمارات المحتملة للحجّيّة ، لا بالنسبة إلى نفس الفروع ، فاعلم :
القول باعتبار الظنّ في المسائل الفرعيّة دون الاصوليّة |
أنّ في مقابله قولا آخر لغير واحد من مشايخنا المعاصرين قدّس الله أسرارهم (٢) ، وهو عدم جريان دليل الانسداد على وجه يشمل مثل
__________________
(١) لم ترد «بالعمل» في (م) و (ه).
(٢) تقدّم ذكرهم في الصفحة ٤٣٨ ، الهامش (٢).