ولم يعلم معنى محصّل لهذا الكلام ؛ إذ مع كون التجرّي عنوانا مستقلا في استحقاق العقاب لا وجه للتداخل إن اريد به وحدة العقاب ؛ فإنّه ترجيح بلا مرجّح (١) ، وإن اريد به عقاب زائد على عقاب محض التجرّي ، فهذا ليس تداخلا ؛ لأنّ كلّ فعل اجتمع فيه عنوانان من القبح يزيد عقابه على ما كان فيه أحدهما.
عدم الإشكال في القبح الفاعلي |
والتحقيق : أنّه لا فرق في قبح التجرّي بين موارده ، وأنّ المتجرّي لا إشكال في استحقاقه الذمّ من جهة انكشاف خبث باطنه وسوء سريرته بذلك (٢). وأمّا استحقاقه للذمّ من حيث الفعل المتجرّى في ضمنه ، ففيه إشكال ، كما اعترف به الشهيد قدسسره فيما يأتي (٣) من كلامه (٤).
الإشكال في القبح الفعلي |
__________________
(١) في (ر) و (ص) زيادة العبارة التالية : «وسيجيء في الرواية أنّ على الراضي إثما ، وعلى الداخل إثمين» ، انظر الصفحة ٤٧.
(٢) لم ترد «بذلك» في (ت) ، (ر) و (ص) ، وفي (ر) و (ص) زيادة : «وجرأته».
(٣) في الصفحة ٤٩ ـ ٥٠.
(٤) وردت ـ هنا ـ زيادة في (ت) ، (ه) وهامش (ص) ـ مع اختلاف يسير ـ ، وكتب بعدها في (ص) : «منه قدسسره» ، والزيادة هكذا : «بل يظهر منه قدسسره : أنّ الكلام في تأثير نيّة المعصية إذا تلبّس بما يراه معصية ، لا في تأثير الفعل المتلبّس به إذا صدر عن قصد المعصية ، فتأمّل. نعم ، يظهر من بعض الروايات حرمة الفعل المتجرّى به ؛ لمجرّد الاعتقاد ، مثل موثّقة سماعة : في رجلين قاما إلى الفجر ، فقال أحدهما : هو ذا ، وقال الآخر : ما أرى شيئا ، قال عليهالسلام : فليأكل الذي لم يبن له ، وحرّم على الذي زعم أنّه طلع الفجر ؛ إنّ الله تعالى قال : (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ).