أحدهما : من يرى (١) أنّ مقدّمات دليل الانسداد لا تثبت إلاّ اعتبار الظنّ وحجّيّته في كون الشيء طريقا شرعيّا مبرءا للذمّة في نظر الشارع ، ولا يثبت اعتباره في نفس الحكم الفرعيّ ؛ زعما منهم عدم نهوض المقدّمات المذكورة لإثبات حجّيّة الظنّ في نفس الأحكام الفرعيّة ، إمّا مطلقا أو بعد العلم الإجماليّ بنصب الشارع طرقا للأحكام الفرعيّة.
الثاني : مقابل هذا ، وهو من يرى (٢) أنّ المقدّمات المذكورة لا تثبت إلاّ اعتبار الظنّ في نفس الأحكام الفرعيّة ، وأمّا الظنّ بكون شيء طريقا مبرءا للذمّة فهو ظنّ في المسألة الاصوليّة لم يثبت اعتباره فيها من دليل الانسداد ؛ لجريانها في المسائل الفرعيّة دون الاصوليّة.
أدلّة القائلين باعتبار الظنّ في المسائل الاصوليّة دون الفرعيّة |
أما الطائفة الاولى ، فقد ذكروا لذلك وجهين :
أحدهما ـ وهو الذي اقتصر عليه بعضهم (٣) ـ ما لفظه :
١ ـ ما ذكره صاحب الفصول |
«إنّا كما نقطع بأنّا مكلّفون في زماننا هذا تكليفا فعليّا بأحكام فرعيّة كثيرة ، لا سبيل لنا بحكم العيان وشهادة الوجدان إلى تحصيل كثير منها بالقطع ولا بطريق معيّن يقطع من السمع بحكم الشارع بقيامه أو قيام طريقه مقام القطع ولو عند تعذّره ، كذلك نقطع بأنّ الشارع
__________________
(١) منهم : الشيخ محمد تقي في هداية المسترشدين وأخوه صاحب الفصول ، كما سيأتي.
(٢) منهم : شريف العلماء ، انظر تقريرات درسه في ضوابط الاصول : ٢٦٦ ، وكذا السيّد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٤٥٨ ـ ٤٥٩.
(٣) وهو صاحب الفصول.