التخصيص.
توضيح ذلك : أنّ العقل إنّما يحكم باعتبار الظنّ وعدم الاعتناء بالاحتمال الموهوم في مقام الامتثال ؛ لأنّ البراءة الظنّية تقوم مقام العلميّة ، أمّا إذا حصل بواسطة منع الشارع القطع بعدم البراءة بالعمل بالقياس ، فلا يبقى براءة ظنّية حتّى يحكم العقل بوجوبها.
واستوضح ذلك من حكم العقل بحرمة العمل بالظنّ وطرح الاحتمال الموهوم عند انفتاح باب العلم في المسألة ، كما تقدّم (١) في تقرير أصالة حرمة العمل بالظنّ ، فإذا فرض قيام الدليل من الشارع على اعتبار ظنّ ووجوب العمل به ، فإنّ هذا لا يكون (٢) تخصيصا في حكم العقل بحرمة العمل بالظنّ ؛ لأنّ حرمة العمل بالظنّ مع التمكّن إنّما هو لقبح الاكتفاء بما دون الامتثال العلميّ مع التمكّن من العلميّ ، فإذا فرض الدليل على اعتبار ظنّ ووجوب العمل به صار الامتثال ـ في العمل بمؤدّاه ـ علميّا ، فلا يشمله حكم العقل بقبح الاكتفاء بما دون الامتثال العلميّ ، فما نحن فيه على العكس من ذلك.
المناقشة في هذا الوجه |
وفيه : أنّك قد عرفت ـ عند التكلّم في مذهب ابن قبة (٣) ـ : أنّ التعبّد بالظنّ مع التمكّن من العلم على وجهين :
أحدهما : على وجه الطريقيّة بحيث لا يلاحظ الشارع في أمره عدا كون الظنّ انكشافا ظنّيّا للواقع بحيث لا يترتّب على العمل به عدا
__________________
(١) في غير (ظ) زيادة : «نظيره».
(٢) في (ت) و (ه) بدل عبارة «فإنّ هذا لا يكون» : «لم يوجب ذلك».
(٣) راجع الصفحة ١٠٨ ـ ١١٢.