مصلحة الواقع على تقدير المطابقة.
والثاني : على وجه يكون في سلوكه مصلحة يتدارك بها مصلحة الواقع الفائتة على تقدير مخالفة الظنّ للواقع.
وقد عرفت (١) : أنّ الأمر بالعمل بالظنّ مع التمكّن من العلم على الوجه الأوّل قبيح جدّا ؛ لأنّه مخالف لحكم العقل بعدم الاكتفاء في الوصول إلى الواقع بسلوك طريق ظنّيّ يحتمل الإفضاء إلى خلاف الواقع. نعم ، إنّما يصحّ التعبّد على الوجه الثاني.
فنقول : إنّ الأمر في ما نحن فيه كذلك ؛ فإنّه بعد ما حكم العقل بانحصار الامتثال عند فقد العلم في سلوك الطريق الظنّي ، فنهي الشارع عن العمل ببعض الظنون : إن كان على وجه الطريقيّة ـ بأن نهى عند فقد العلم عن سلوك هذا الطريق من حيث إنّه ظنّ يحتمل فيه الخطأ ـ فهو قبيح ؛ لأنّه معرّض لفوات الواقع فينتقض به الغرض ، كما كان يلزم ذلك من الأمر بسلوكه على وجه الطريقيّة عند التمكّن من العلم ؛ لأنّ حال الظنّ عند الانسداد من حيث الطريقيّة حال العلم مع الانفتاح لا يجوز النهي عنه من هذه الحيثيّة في الأوّل كما لا يجوز الأمر به في الثاني ، فالنهي عنه وإن كان مخرجا للعمل به عن ظنّ البراءة إلى القطع بعدمها ، إلاّ أنّ الكلام في جواز هذا النهي ؛ لما عرفت من أنّه قبيح.
وإن كان على وجه يكشف النهي عن وجود مفسدة في العمل بهذا الظنّ يغلب على مفسدة مخالفة الواقع اللازمة عند طرحه ، فهذا وإن
__________________
(١) راجع الصفحة ١٠٩ ـ ١١٠.