ولهذا اتّفق العقل والنقل على ترجيح الاحتياط على تحصيل الواقع بالطريق المنصوب في غير العبادات ممّا لا يعتبر فيه نيّة الوجه اتفاقا ، بل الحقّ ذلك فيها أيضا ، كما مرّت (١) الإشارة إليه في إبطال وجوب الاحتياط.
فإن قلت : العمل بالظنّ في الطريق عمل بالظنّ في الامتثال الظاهريّ والواقعيّ ؛ لأنّ الفرض إفادة الطريق للظنّ بالواقع ، بخلاف غير ما ظنّ طريقيّته ؛ فإنّه ظنّ بالواقع وليس ظنّا بتحقّق الامتثال في الظاهر ، بل الامتثال الظاهريّ مشكوك أو موهوم بحسب احتمال اعتبار ذلك الظنّ.
قلت :
أوّلا : إنّ هذا خروج عن الفرض ؛ لأنّ مبنى الاستدلال المتقدّم على وجوب العمل بالظنّ في الطريق (٢) وإن لم يكن الطريق مفيدا للظنّ بالواقع (٣) أصلا. نعم ، قد (٤) اتّفق في الخارج أنّ الامور التي يعلم بوجود الطريق فيها إجمالا مفيدة للظنّ (٥) ، لا أنّ مناط الاستدلال اتّباع الظنّ بالطريق المفيد للظنّ بالواقع.
__________________
(١) راجع الصفحة ٤١٧ ـ ٤٢٠.
(٢) في (ص) : «بالطريق».
(٣) لم ترد «بالواقع» في (ظ) ، (ل) و (م) ، وورد بدلها في (ر) و (ص) : «به».
(٤) لم ترد «قد» في (ظ) ، (ل) و (م).
(٥) في (ر) و (ص) زيادة : «شخصا أو نوعا» ، وفي (ت) زيادة : «نوعا أو شخصا».