عين الواقع ولو بحكم الشارع ، لا قيدا له.
والحاصل : أنّه فرق بين أن يكون مرجع نصب هذه الطرق إلى قول الشارع : «لا اريد من الواقع إلاّ ما ساعد عليه ذلك الطريق» ، فينحصر التكليف الفعليّ حينئذ في مؤدّيات الطرق (١) ، ولازمه إهمال ما لم يؤدّ إليه الطريق من الواقع ، سواء انفتح باب العلم بالطريق أم انسدّ ، وبين أن يكون التكليف الفعليّ بالواقع باقيا على حاله ، إلاّ أنّ الشارع حكم بوجوب البناء على كون مؤدّى الطريق هو ذلك الواقع ، فمؤدّى هذه الطرق واقع جعليّ ، فإذا انسدّ طريق العلم إليه ودار الأمر بين الظنّ بالواقع الحقيقيّ وبين الظنّ بما جعله الشارع واقعا فلا ترجيح ؛ إذ الترجيح مبنيّ على إغماض الشارع عن الواقع.
وبذلك ظهر ما في قول بعضهم (٢)(٣) : من أنّ التسوية بين الظنّ بالواقع والظنّ بالطريق إنّما يحسن لو كان أداء التكليف المتعلّق بكلّ من الفعل والطريق المقرّر مستقلا ؛ لقيام الظنّ في كلّ من التكليفين حينئذ مقام العلم به مع قطع النظر عن الآخر ، وأمّا لو كان أحد التكليفين منوطا بالآخر مقيّدا له ، فمجرّد حصول الظنّ بأحدهما دون حصول الظنّ بالآخر المقيّد له لا يقتضي الحكم بالبراءة. وحصول البراءة في صورة العلم بأداء الواقع إنّما هو لحصول الأمرين به ؛ نظرا إلى أداء
__________________
(١) في (ر) و (ص) : «الطريق».
(٢) هو الشيخ محمّد تقي صاحب هداية المسترشدين.
(٣) كذا في نسخة بدل (ص) و (ل) ، وفي غيرهما : «هذا المستدلّ» ، إلاّ أنّه لم ترد «هذا» في (ل).